شدد اللواء الاحتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي، إسحاق بريك، على أن إسرائيل تواجه ما وصفه بـ"ورطة حقيقية" تشكل ما أسماه "الجبهة الثامنة" في الحرب المستمرة، لافتًا إلى أن تلك الورطة تعكس العجز في حسم المعركة ضد حركة حماس، وتصاعد التهديدات الإقليمية، علاوة على تدهور العلاقة مع الولايات المتحدة.
وأشار "بريك"، في مقال نشر بصحيفة "معاريف" العبرية، اليوم الاثنين، إلى أن إسرائيل لم تقترب بعد من هزيمة حماس رغم مرور أكثر من عام ونصف على اندلاع الحرب، معتبرًا أن مكانة إسرائيل في الولايات المتحدة تشهد انهيارًا غير مسبوق، وأن تل أبيب ليست مهيأة للتحديات التي تواجهها على عدة مستويات.
"حماس انتصرت"... باعتراف الجيش
كما أكد "بريك"، على أنه كان على صواب حين أصر خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة – الذي أطلق عليه اسم "حرب السيوف الحديدية" – أن حماس خرجت منتصرة، متهمًا القيادة السياسية والعسكرية، ومن بينهم يوآف غالانت، هرتسي هليفي، ودانيال هاغاري، بتضليل الرأي العام بمساعدة وسائل إعلام "مجندة" لخدمة الرواية الرسمية.
وأردف "بريك": "أنا وحدي قلت إننا خسرنا الحرب أمام حماس"، مشيرًا إلى أن اعتراف الجيش بذلك أصبح أمرًا واقعيًا.
وتحدث "بريك"، عن مجموعة من الإخفاقات، من بينها أن الجيش لم يدمر سوى نحو 25% من شبكة أنفاق حماس، وربما أقل من 10% فعليًا، وأن عدد مقاتلي الحركة عاد إلى نحو 30 ألفًا.
كما لفت "بريك"، إلى أن الأنفاق الممتدة من سيناء عبر محور فيلادلفيا لا تزال مفتوحة، ولم يتم تدمير لواء رفح التابع لحماس.
"خيبة أمل" في القيادة الجديدة
وفي السياق ذاته، أعرب "بريك"، عن خيبة أمله العميقة، موضحًا أنه سبق وأن قدم له مقترحات من خبراء بشأن إصلاح الجيش، وأن زامير أبدى تأييده لها، لكنه تراجع لاحقًا عنها عند حديثه مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فقط من أجل ضمان تعيينه في المنصب العسكري الأرفع.
ووجه "بريك"، اتهام مباشر إلى زامير بأنه أصبح أداة بيد نتنياهو ووزير الخارجية يسرائيل كاتس، مؤكدًا أن مشاركته في خطة لإطلاق سراح الرهائن تحت ضغط العمليات العسكرية، كما شدد على أن زامير كان على علم بأن مواصلة القتال لن تؤدي للإفراج عن جميع الرهائن، بل ستزيد الأمور سوءًا.
حرب خاسرة
وأردف "بريك"، أن إسرائيل تخوض حربًا "خاسرة بالفعل"، محذرًا من أن استمرار العمليات سيؤدي إلى خسائر بشرية جديدة، سواء في صفوف الجنود أو الرهائن، وسط انعدام قدرة الجيش على التعافي والاستعداد لموجة التهديدات المتصاعدة.
وأشار إلى أن جيش الاحتلال غير مهيأ لمواجهة تحالفات إقليمية متزايدة، من بينها التعاون الدفاعي بين تركيا وسوريا، والاستعدادات العسكرية المتنامية في الجيش المصري، إلى جانب الترسانة الإيرانية المتضخمة من الصواريخ والطائرات بدون طيار. كما حذر من تفاقم التطرف في الضفة الغربية، مؤكدًا أن الجيش لا يمتلك الأدوات اللازمة لمواجهة حرب متعددة الجبهات.
"مقامرة وجودية" ضد إيران
وفي سياق البرنامج النووي الإيراني، تحدث بريك عن موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مشيرًا إلى أن الأخير أعلن استعداده لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، لكنه يسعى في الوقت نفسه إلى اتفاق مع طهران يجنّب المنطقة انفجارًا واسعًا. ولفت إلى أن رئيس أركان الجيش الأمريكي أكد أن الضربة العسكرية وحدها لن تُنهي المشروع النووي الإيراني ما لم تكن مصحوبة باتفاق سياسي.
وانتقد بريك التهديدات المتكررة التي يطلقها نتنياهو بشن هجوم منفرد على إيران، واصفًا إياها بأنها "مقامرة بمصير دولة إسرائيل"، مضيفًا: "لحسن الحظ، فإن ترامب لا يسمح له بذلك حاليًا".
علاقات تتهاوى مع واشنطن والغرب
وشدد "بريك"، على أن العلاقة مع الولايات المتحدة تمر بأسوأ مراحلها، مؤكدًا أن واشنطن شريك لا يمكن الاستغناء عنه، وأن إسرائيل من دون دعمها العسكري والمدني لن تكون قادرة على الصمود.
وألقى "بريك"، باللوم على نتنياهو الذي قال إنه أمضى 16 عامًا في تقويض العلاقة مع الجالية اليهودية في الولايات المتحدة، لا سيما مع الحزب الديمقراطي.
وأشار "بريك"، إلى أن استطلاعات الرأي أظهرت أن نحو 50% من الأميركيين لم يعودوا يتعاطفون مع إسرائيل، ما يعد مؤشرًا خطيرًا على تراجع الدعم الشعبي والسياسي.
"إهانة للمسيحيين في العالم"
وفي ختام مقاله، وجه "بريك"، اتهام مباشر لـ نتنياهو بـ"حرق الجسور" مع جهات دولية، وكان آخرها – بحسب تعبيره – الإهانة التي وجهها للعالم الكاثوليكي بعد تغيّبه عن إرسال ممثل رسمي لحضور جنازة البابا فرنسيس، ما أثار غضب قادة الكنيسة الكاثوليكية في إسرائيل.
واعتبر "بريك"، أن هذا السلوك يمثل استخفافًا بالمسيحيين حول العالم، ويؤكد عزلة إسرائيل المتزايدة.