مقامرة عسكرية محفوفة بالمخاطر.. صحيفة بريطانية تحذر من خطة إسرائيل لاحتلال غزة

احتلال غزة
احتلال غزة

كشفت صحيفة "The Spectator" البريطانية في تقرير موسع، أن الحكومة الإسرائيلية منحت الضوء الأخضر لتنفيذ خطة عسكرية واسعة النطاق تهدف إلى إعادة السيطرة الكاملة على قطاع غزة، في تحول استراتيجي جذري يعكس تغييرًا عميقًا في نهج تل أبيب تجاه الحرب المستمرة في القطاع الخاضع لسيطرة حركة حماس. 

ووفق التقرير، فقد تم اعتماد الخطة رسميًا في الخامس من مايو الجاري، وهي تسعى لاحتلال مناطق رئيسية من غزة والإبقاء على وجود عسكري دائم داخل القطاع، وهو ما يمثل خروجًا حادًا عن أسلوب الكر والفر الذي انتهجته إسرائيل منذ بداية الحرب.

بدء العملية العسكرية 

ووفقًا للصحيفة، فإن العملية العسكرية المرتقبة يجري التحضير لها لتبدأ بعد زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المرتقبة للمنطقة، والمقررة ما بين 13 و16 مايو الجاري. 

ويستعد الجيش الإسرائيلي لاستدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط في إطار ما وصفه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بـ"الحملة المكثفة"، التي تهدف إلى تحقيق هدفين رئيسيين: القضاء على البنية العسكرية والتنظيمية لحركة حماس، وضمان تحرير الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة.

اقرأ أيضًا:

ورغم طموحات نتنياهو وحلفائه اليمينيين المتطرفين مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، فإن الخطة تواجه انتقادات حادة من داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية ومن قطاعات واسعة من المجتمع الإسرائيلي، التي ترى أن الأولوية يجب أن تكون لتحرير الرهائن وليس لتوسيع العمليات العسكرية. 

وقد أعرب رئيس أركان الجيش، إيال زامير، عن موقف حذر من هذا التصعيد، محذرًا من أن تعقيد العمليات العسكرية قد يعرض حياة الرهائن للخطر، خاصة أن التقارير تشير إلى أن أقل من 24 من أصل 59 رهينة يعتقد أنهم ما زالوا على قيد الحياة.

تحديات كبيرة

وفي خضم هذه التجاذبات، تواجه الخطة تحديات لوجستية وبشرية كبيرة، إذ يعتمد نجاحها على قدرة الجيش على تعبئة أعداد ضخمة من جنود الاحتياط، إلا أن المعنويات في صفوف هؤلاء الجنود تعد منخفضة جدًا بعد نحو عام ونصف من القتال المكثف على أكثر من جبهة. 

وتشير تقارير إلى أن نسبة الاستجابة لاستدعاء الاحتياط تراجعت إلى نحو 70%، في ظل تزايد الاستياء من الأداء الحكومي والضغوط الاقتصادية، وقد عبر العديد من جنود الاحتياط، وكذلك عدد من قدامى المحاربين في سلاح الجو وأعضاء سابقين في جهاز الموساد ووحدة الاستخبارات 8200، عن معارضتهم لما وصفوه بانجراف الحكومة نحو حرب مفتوحة دون استراتيجية واضحة، واتهموا نتنياهو بتغليب مصالحه السياسية على الأولويات الإنسانية والأمنية.

وتطرح تساؤلات جوهرية داخل أروقة الحكم في إسرائيل والمجتمع الدولي حول مستقبل غزة في حال تنفيذ الخطة وسقوط حماس، فبينما يدعو حلفاء نتنياهو من اليمين المتطرف إلى إعادة احتلال القطاع وإعادة توطين اليهود فيه، يرفض الجيش الإسرائيلي الانخراط في إدارة شؤون غزة على المدى الطويل بما يشمل مسؤوليات حيوية مثل توزيع المساعدات الإنسانية. 

كما لا يبدو أن هناك بديلاً فلسطينيًا جاهزًا وفعالًا يمكن أن يحل مكان حماس، ما يعزز مخاوف من أن تجد إسرائيل نفسها في مستنقع إداري وأمني لا مخرج منه.

سيناريوهات فاشلة

ويحذر منتقدون بارزون للخطة، من بينهم وزير الدفاع السابق يوآف غالانت، من غياب رؤية سياسية متكاملة لما بعد العمليات العسكرية، مشيرين إلى أن إسرائيل تقترب من تكرار سيناريوهات احتلال سابقة فاشلة قد تفتح أبوابًا لاتهامات دولية بانتهاك القانون الدولي وفرض واقع احتلال غير مشروع.

وترى الصحيفة أن هذه الخطة، بكل تناقضاتها، تمثل محاولة من نتنياهو لاسترضاء قاعدته المتطرفة والحفاظ على تماسك حكومته الائتلافية، وسط ضغوط سياسية متصاعدة مرتبطة بملفات الفساد وتراجع شعبيته، ولكن، في المقابل، قد تؤدي هذه السياسة إلى تقويض ثقة الجيش بالحكومة، وتضعف من قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها دبلوماسيًا وعسكريًا في حال انفجار الوضع بشكل أكبر.

وفي ختام تقريرها، أكدت "The Spectator" أن إسرائيل تراهن على أن مجرد التهديد بتنفيذ الخطة سيضغط على حماس لتقديم تنازلات وإطلاق سراح الرهائن وتجنب تصعيد واسع، لكنها نبهت إلى أن هذه المقامرة قد تأتي بنتائج كارثية وأن أي خطأ في الحسابات قد يشعل المنطقة مجددًا ويعيد إنتاج أزمات قديمة بثمن باهظ.

موقع لبنان 24