جيش مرهق ومعركة بلا أفق: تقرير عبري يفضح أزمات إسرائيل العسكرية في غزة وفشل "القوة والسيف"

جيش الاحتلال
جيش الاحتلال

كشف تقرير مطول للصحافي العسكري الإسرائيلي آفي أشكنازي، نشرته صحيفة معاريف، عن صورة شديدة القتامة لوضع الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، مؤكداً أن عملية "القوة والسيف" التي استأنفتها إسرائيل ضد حركة حماس لم تحقق أيًا من أهدافها الرئيسية، وعلى رأسها الضغط على الحركة لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة.

العملية تفشل في تحقيق أهدافها

أوضح أشكنازي أن استئناف العدوان الإسرائيلي لم ينجح في تحقيق ما وعدت به القيادة السياسية والعسكرية، حيث لم يتم فرض الضغط الكافي على حماس لبدء صفقة تبادل، أو التنازل عن شروطها، مشيراً إلى أن القيادة الإسرائيلية تفتقر إلى التنسيق الفعال بين الرؤية السياسية والتنفيذ العسكري على الأرض.

اقرأ أيضًا:

وأضاف أن الجيش بات يعاني من تآكل واضح في قدراته القتالية، سواء على مستوى القوة البشرية بعد استدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط بأوامر "8"، أو على مستوى العتاد والوسائل القتالية التي تراجعت جودتها وكفاءتها بفعل طول أمد الحرب وتعقيد الميدان في غزة.

في سياق الإخفاق السياسي، أشار التقرير إلى أن الحكومة الإسرائيلية اتهمت قطر مؤخرًا بعرقلة مسار التفاوض مع حماس، زاعمة أن الدوحة أرسلت مؤخرًا رسالة إلى الحركة تطلب منها عدم الرضوخ للضغوط الإسرائيلية، مع وعد غير مباشر بالحصول على صفقة تبادل أفضل لاحقًا.

غير أن قطر سارعت إلى نفي تلك الادعاءات، وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، في تصريح رسمي، أن بلاده لم تتدخل لإبطاء المفاوضات، بل تسعى إلى إنهاء الحرب عبر دور وساطة متوازن يراعي الجوانب الإنسانية والسياسية.

ضغوط إقليمية وصراع مصالح

زعم أشكنازي أيضًا أن مصر والأردن يمارسان ضغوطًا متواصلة على حماس، خشية أن تخرج من المعركة في موقع المنتصر أو حتى محافظة على قدراتها العسكرية والتنظيمية، لما لذلك من تأثيرات استراتيجية على التوازن الإقليمي وقوة التيارات الإسلامية في المنطقة، بحسب زعمه.

ورغم تأكيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على أن هدف الحرب هو "تفكيك حماس سياسيًا وعسكريًا"، إلا أن أشكنازي حذر من أن الفشل في استعادة الأسرى سيعد هزيمة معنوية وعسكرية خطيرة لإسرائيل، وسيفهم إقليمياً كـ"نصر لحركة الإخوان المسلمين"، بحسب تعبيره.

ووفق التقرير، فإن زمن الضغط العسكري الإسرائيلي بدأ يتقلص، ومن المتوقع أن تضطر الحكومة الإسرائيلية خلال أسبوعين أو ثلاثة على الأكثر إلى السماح بإدخال مساعدات إنسانية واسعة النطاق إلى قطاع غزة، وهو ما سيؤدي إلى تخفيف الضغط عن حماس وتحويل الأنظار نحو الأزمات الداخلية في إسرائيل.

وأشار إلى أن العمليات البرية أصبحت أكثر تعقيدًا وخطورة، لا سيما في مناطق مثل جباليا، خان يونس، ومخيمات وسط غزة، حيث يتطلب الأمر تطويق هذه المناطق بالنيران الكثيفة، ما يزيد من خطر سقوط الأسرى الإسرائيليين في مرمى النيران أو فقدان السيطرة على الأرض.

كما كشف أشكنازي أن الجيش يواجه تهديدًا متصاعدًا من شبكة الأنفاق الهائلة التي حفرتها حماس، والتي تمتلئ بالعبوات الناسفة والمقاتلين المتأهبين لتنفيذ كمائن مباغتة، خاصة في الشمال والمناطق الحدودية، مما يجعل التوغل مخاطرة محسوبة بشكل محدود.

حماس تغير تكتيكاتها

وذكر التقرير أن حماس تبنت تكتيكًا جديدًا يركز على تجنب المواجهة المباشرة في بعض المحاور مثل موراغ ورفح والشمال، وتعمل على الحفاظ على قوتها وتحسين استعداداتها للمرحلة التالية من المعركة، مستفيدة من القيود الإسرائيلية المتعلقة بالأسرى، والضغط الدولي لإدخال المساعدات، ونفاد صبر الجنود الاحتياطيين.

وأشار أشكنازي إلى أن الجيش الإسرائيلي يعاني أيضًا من نقص حاد في العتاد والمعدات الحديثة، مؤكداً أن بعض الوحدات تضطر لاستخدام دبابات وعربات مدرعة قديمة وغير صالحة للعمليات في غزة.

ونقل عن قائد لواء ميداني قوله بمرارة: "أجبرت على إدارة اقتصاد دبابات، لا معركة دبابات"، في إشارة إلى شح الإمكانيات والتقشف في استخدام المعدات وسط حرب طويلة الأمد.

إسرائيل غير مستعدة لحرب طويلة

خلص التقرير إلى أن الجيش الإسرائيلي تم بناؤه لخوض معارك خاطفة وسريعة، لا لحرب طويلة الأمد تمتد لأكثر من عام ونصف كما يحدث الآن، ما يدفع المجلس الوزاري المصغر (الكابنيت) إلى إعادة تقييم الخطط والخيارات المتاحة.

وختم أشكنازي تقريره بالقول: "الكابنيت سيتخذ قرارًا بسيطًا: ما لم يتحقق بالقوة، سيتحقق بمزيد من القوة، لكن السؤال الذي سيبقى مفتوحًا هو: ما الثمن الذي ستدفعه إسرائيل مقابل هذه القوة الإضافية؟".

صحيفة معاريف