بسبب تجاهل التهدئة.. تصعيد دبلوماسي غير مسبوق من مصر ضد إسرائيل

السفارة الإسرائيلية
السفارة الإسرائيلية

في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي العنيف على قطاع غزة وتوقف مساعي التهدئة، اتخذت مصر مؤخرًا خطوات دبلوماسية تصعيدية تعكس استياءها المتزايد من سلوك حكومة إسرائيل وقد تمثلت هذه الخطوات في قرارين متزامنين أثارا الانتباه السياسي والإعلامي: أولهما، تجميد القاهرة تعيين سفير جديد لها في إسرائيل، وثانيهما، رفضها اعتماد أوراق أوري روتمان الذي تم ترشيحه ليشغل منصب السفير الإسرائيلي الجديد لدى مصر، خلفًا للسفيرة السابقة أميرة أورون التي أنهت مهامها في خريف عام 2024.

وبحسب ما كشفه موقع "معاريف" العبري، نقلاً عن مصادر دبلوماسية تحدثت لصحيفة "العربي الجديد"، فإن قرار مصر بعدم إرسال سفير جديد إلى تل أبيب حتى إشعار آخر لا يرتبط بإجراءات روتينية أو ظروف تقنية، بل يأتي في إطار موقف سياسي محسوب يتماشى مع تصاعد التوتر بين القاهرة وتل أبيب، خصوصًا بعد دخول القوات الإسرائيلية إلى مدينة رفح الفلسطينية جنوب القطاع، وهي منطقة تعتبرها مصر خطًا أحمر يرتبط مباشرة بأمنها القومي وحدودها الاستراتيجية.

اقرأ أيضًا:

رفض تعيين سفير إسرائيل

وقد لوحظ أن وزارة الخارجية المصرية، خلال حركة التنقلات التي أجرتها في مارس 2025 والتي شملت تعيين سفراء في عدد من العواصم الأجنبية، قد تجاهلت عن قصد تعيين سفير لدى إسرائيل، رغم مرور أشهر على مغادرة السفير المصري السابق خالد عزمي لمنصبه دون بديل. 

كما جرى استبعاد السفير طارق دحروج، الذي كان أبرز المرشحين لهذا المنصب، وتعيينه بدلًا من ذلك سفيرًا لمصر في باريس، ما يشير إلى وجود توجه رسمي متعمد لتجميد التمثيل الدبلوماسي عند مستوى أدنى، في خطوة تحمل رسالة سياسية واضحة للجانب الإسرائيلي.

وأكدت المصادر الدبلوماسية أن هذا التصعيد المصري جاء كرد فعل مباشر على تكثيف إسرائيل عملياتها العسكرية في قطاع غزة، وتراجعها عن الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة مصرية وقطرية خلال الشهور الماضية. 

وقد اعتبرت القاهرة أن هذا النكوص الإسرائيلي يشكل إخلالًا واضحًا بالتفاهمات، ويضرب عرض الحائط بدور الوساطة الذي لعبته مصر على مدار الحرب.

دلالات القرار 

وفي هذا السياق، أكدت السفيرة راحة أحمد حسن، مساعدة وزير الخارجية الأسبق، أن ما ترتكبه إسرائيل من انتهاكات صارخة في غزة، واستمرارها في العدوان على المدنيين، يجعل من غير المقبول سياسيًا أو أخلاقيًا أن تقوم الدولة المصرية بتقديم أوراق اعتماد سفير جديد لدى حكومة الاحتلال، في وقت تسفك فيه الدماء وترتكب المجازر.

من جانبه، أوضح الخبير في القانون الدولي والعلاقات السياسية، الدكتور أيمن سلامة، أن إحجام مصر عن تعيين سفير جديد يحمل دلالات مزدوجة: فهو من جهة يعبر عن موقف سيادي مشروع تتخذه القاهرة بناء على مصالحها وأمنها القومي، ومن جهة أخرى يمثل رسالة قانونية وسياسية احتجاجية على ما تعتبره مصر خرقًا إسرائيليًا لاتفاقية السلام الموقعة بين البلدين، وخاصة في ما يخص منطقة "محور فيلادلفيا" الواقعة على الحدود بين رفح المصرية ورفح الفلسطينية، والتي تمثل نقطة ارتكاز أمنية بالغة الحساسية.

ويأتي هذا التصعيد المصري في وقت تتزايد فيه حدة الانتقادات الإقليمية والدولية الموجهة لإسرائيل بسبب ما ترتكبه من أعمال تهجير قسري وانتهاكات لحقوق الإنسان في قطاع غزة، وسط فشل جهود الوساطة الدولية في تثبيت تهدئة حقيقية أو التوصل لاتفاق دائم لوقف إطلاق النار، في ظل تعنت حكومة الاحتلال واستمرارها في توسيع عملياتها العسكرية، بما في ذلك في مناطق ذات رمزية سياسية وأمنية بالغة، مثل مدينة رفح.

فلسطين أون لاين