في تطور لافت وغير مألوف في سياق عمليات الإفراج عن الأسرى، أجري المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف اتصالًا هاتفيًا مباشرًا بالجندي الإسرائيلي عيدان ألكسندر، فور تسليمه إلى بعثة الصليب الأحمر الدولي وقبل وصوله إلى إسرائيل.
وأثارت هذه الخطوة الكثير من التساؤلات، نظرًا لخروجها عن السياق البروتوكولي المتعارف عليه في مثل هذه الحالات، والذي عادة ما يكون تحت إشراف وتنسيق كامل من قبل الجهات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، وتحديدًا غرفة العمليات المركزية التي تتولى مهمة التحقق من هوية الأسرى وتنسيق إجراءات عودتهم.
اقرأ أيضًا:
- شاهد لحظة الإفراج عن الأسير عيدان ألكسندر في خان يونس
- غضب في تل أبيب قبل الإفراج عن عيدان ألكسندر.. والرئيس الإسرائيلي يعلق
تفاصيل المكالمة
وكشفت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية "ريشت بيت"، صباح يوم الثلاثاء، عن تفاصيل هذه المكالمة، معتبرة إياها دليلاً واضحًا على انخراط مباشر لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في إدارة تفاصيل عملية الإفراج وتنظيم مسارها، بما يتجاوز الدور الأميركي التقليدي في الوساطة غير المباشرة.
وأشارت الإذاعة إلى أن خطوة ويتكوف تعكس رغبة أميركية في إظهار حضور قوي ومباشر في تطورات الملف الإنساني والسياسي المتعلق بالحرب على غزة، خاصة بعد تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل والولايات المتحدة للحد من استمرار العمليات العسكرية.
الإفراج عن عيدان ألكسندر
وكانت حركة حماس قد أعلنت في بيان رسمي، صدر يوم 11 مايو الجاري، عن إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي عيدان ألكسندر، في إطار مبادرة أحادية الجانب تهدف إلى فتح ثغرة في جدار الجمود السياسي وتسهيل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وأوضحت الحركة أن هذه الخطوة تأتي ضمن مساعي لتخفيف معاناة سكان قطاع غزة، عبر فتح المعابر الحدودية والسماح بدخول المساعدات الإنسانية والطبية التي باتت حاجة ملحّة في ظل الحصار وتدهور الأوضاع المعيشية.
وفي هذا السياق، نقلت وكالة "أسوشيتد برس" عن مسؤول رفيع في حركة حماس قوله إن قرار الإفراج جاء نتيجة خمسة أيام متواصلة من المفاوضات غير المباشرة التي جرت بين الحركة وكل من الجانب المصري والقطري، إلى جانب محادثات جرت مع ممثلين عن الجانب الأميركي.
وأكد المسؤول أن الوسطاء الدوليين، وخاصة القطريين، نصحوا قيادة الحركة بتقديم "بادرة حسن نية" تجاه إدارة الرئيس ترامب، في صورة الإفراج عن الجندي، باعتبارها "هدية رمزية" قد تسهم في تسريع وتيرة التفاوض وتحقيق مكاسب إنسانية وسياسية أكبر لاحقًا.
وأضاف المسؤول أن هذه الخطوة تأتي في إطار رؤية استراتيجية لدى حماس، مفادها أن تقديم تنازل محدود في هذا التوقيت قد يفتح الباب أمام إعلان أميركي محتمل بشأن وقف إطلاق النار، والسماح بدخول دفعات كبيرة من المساعدات الإنسانية إلى غزة، وربما أيضًا إحراز تقدم فعلي في ملف تبادل الرهائن بين الطرفين، وهو الملف الذي يراوح مكانه منذ شهور بسبب الخلافات على التفاصيل والشروط.
تحول الدور الأمريكي
وتعكس هذه التطورات تحولًا في شكل الدور الأميركي الذي بات أكثر فاعلية وظهورًا في تفاصيل المشهد، إذ لم تعد واشنطن تكتفي بلعب دور الوسيط الخفي، بل بدأت بإظهار أوراقها السياسية والضغط على الأطراف بشكل علني، في محاولة لإعادة صياغة التوازنات القائمة وتسجيل نقاط سياسية على الساحة الدولية، لا سيما في ظل تصاعد الدعوات الأوروبية والدولية المطالبة بوضع حد نهائي للحرب المستمرة في غزة.
ويفهم من هذه التحركات أن إطلاق سراح عيدان ألكسندر لم يكن مجرد خطوة إنسانية أو سياسية محدودة الأثر، بل يمثل إشارة أولى لتحول أكبر قد يشمل اتفاقات أشمل لوقف إطلاق النار، وضبط إيقاع المفاوضات القادمة، وربما فتح الباب أمام تفاهمات دولية جديدة تتجاوز الخطوط الحمراء السابقة التي رسمها الطرفان.