في خطوة أمنية وصفت بأنها من أكثر العمليات تعقيداً في سياق الحرب المستمرة على قطاع غزة، كشف موقع "واللا" الإخباري العبري عن معلومات تفصيلية تتعلق بالعملية الإسرائيلية التي استهدفت محمد السنوار، القيادي البارز في حركة حماس، وشقيق القائد السابق للحركة يحيى السنوار، الذي تم اغتياله هو الآخر في أكتوبر 2024 على يد القوات الإسرائيلية.
تخطيط استخباراتي امتد لأشهر
ووفقاً لما أورده التقرير، فإن التحضيرات لتنفيذ هذه العملية لم تكن وليدة اللحظة، بل بدأت قبل أكثر من ستة أشهر، حيث شرعت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بجمع معلومات استخباراتية دقيقة حول موقع محمد السنوار وحركته ومحيطه.
اقرأ أيضًا:
- أهداف غير معلنة: محاولة اغتيال محمد السنوار تكشف مأزق تل أبيب الاستراتيجي وتؤجج الشكوك الداخلية
- إذاعة الجيش الإسرائيلي تكشف تفاصيل جديدة حول محاولة اغتيال محمد السنوار
وقد جاءت هذه المبادرة المشتركة بإشراف مباشر من رئيس قسم العمليات في جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك"، بالتنسيق الكامل مع قائد المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي، اللواء يارون فينكلمان.
وتشير المعلومات الاستخباراتية، التي حصلت عليها المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، إلى أن محمد السنوار كان يتحصن داخل مجمع سري تحت الأرض، تم إنشاؤه أسفل المستشفى الأوروبي في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، ويتكون هذا المجمع من عدة قاعات اجتماعات ومركز قيادة ميداني، يعتقد أنه كان يستخدم في إدارة شؤون الحركة وتنسيق العمليات خلال الحرب.
وبحسب ما نقله موقع "واللا"، فقد قيمت المعلومات الاستخباراتية الخاصة بالمجمع والمستهدفين فيه على أنها "بالغة الدقة"، وهو ما منح القرار العسكري زخماً واطمئناناً للبدء بالتنفيذ، إلا أن العملية تأجلت مرتين سابقًا، بسبب ما وصفه التقرير بـ"الظروف العملياتية"، التي قد تشمل وجود مدنيين أو معطيات ميدانية حالت دون التنفيذ الآمن.
تنفيذ محكم
مع توفر معلومات إضافية حاسمة جمعتها وحدات "الشاباك"، صدرت الأوامر النهائية من قيادة جهاز المخابرات الميدانية الإسرائيلية في مستوطنة سديروت، والتي منحت الضوء الأخضر لشن الهجوم على المجمع تحت الأرض، وقد وصف أحد المصادر العسكرية الإسرائيلية الهجوم بأنه كان "قويًا ومعقدًا"، وتم تنفيذه باستخدام أسلحة دقيقة للغاية لضمان إصابة الهدف دون إلحاق ضرر كبير بالمستشفى الواقع فوق المجمع.
وأكد المصدر العسكري أن الإصابة كانت "مباشرة ولا تترك مجالاً للنجاة"، مشيراً إلى أن محمد السنوار كان داخل المجمع المستهدف خلال الضربة، وشبه العملية بعملية اغتيال سابقة استهدفت زعيم حزب الله حسن نصر الله، في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، من حيث البنية التحتية المستهدفة والأسلوب المعتمد.
نقطة استراتيجية لحماس
وأوضح التقرير أن المجمع الذي جرت فيه العملية يعد من أبرز النقاط الحيوية لحركة حماس، لكونه يقع تحت منشأة مدنية حساسة – المستشفى الأوروبي – وهو ما جعل العملية أكثر حساسية وتعقيداً، وأضافت المصادر أن المستشفى لم يتعرض لأضرار تذكر، إذ تم تفادي المساس بالبنية التحتية الطبية قدر المستطاع، وذلك تجنبًا لتصعيد إضافي في الانتقادات الدولية.
ورغم تأكيد المصدر الإسرائيلي على "دقة الإصابة واستحالة النجاة"، إلا أن التقرير لم يحسم بشكل نهائي ما إذا كان محمد السنوار قد اغتيل بالفعل، كما لم يتبين إن كان يرافقه قياديون آخرون من الصف الأول داخل المجمع لحظة تنفيذ الضربة، لكن التقييمات الأولية للجيش الإسرائيلي تميل إلى أن عملية الاستهداف نجحت في القضاء عليه.
وترى الدوائر السياسية والأمنية في إسرائيل في اغتيال محمد السنوار – إذا تأكد – نقطة تحوّل استراتيجية في المعركة ضد حركة حماس، فبحسب التقديرات التي أوردها موقع "واللا"، يعتبر السنوار من أبرز العوائق أمام إحراز تقدم في المفاوضات حول تبادل الأسرى، كما يعد شخصية قوية داخل القيادة العسكرية والسياسية للحركة، لها تأثير عميق على سير الأمور داخل غزة.
وأشارت المصادر الأمنية الإسرائيلية إلى أن التخلص من السنوار سيكون بمثابة "ضربة قوية" للقيادة الداخلية لحماس، ليس فقط على المستوى التنظيمي، بل على الصعيد المعنوي كذلك، لما يشكله من رمز للتماسك والتصعيد داخل الحركة.
وتضيف التقديرات أن هذا الحدث، إن ثبت نجاحه، قد يخلق فراغاً قيادياً صعب التعويض في صفوف حماس، ويفتح باباً أمام احتمالات جديدة في مسار الصراع أو في الملفات التفاوضية المعقدة، وعلى رأسها ملف الجنود الإسرائيليين المحتجزين في غزة.