في فجر اليوم الإثنين، شهدت مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة واحدة من أكثر العمليات الإسرائيلية دموية وتعقيدًا، بعد أن تسللت وحدة خاصة تابعة للجيش الإسرائيلي إلى قلب المدينة بعملية وصفت بـ"النوعية"، ولكنها خلفت مآسي إنسانية جسيمة وسط تساؤلات حول دوافعها وتبعاتها.
قوة خاصة تتنكر بملابس نسائية
بدأت العملية مع ساعات الفجر الأولى، حين تسللت قوة إسرائيلية خاصة إلى مدينة خانيونس مستخدمة مركبة مدنية تحمل لوحات فلسطينية، فيما تنكر عناصر الوحدة بملابس نسائية لإخفاء هويتهم والتسلل بسهولة إلى عمق المنطقة السكنية.
اقرأ أيضًا:
- الهلال الأحمر يجهّز مستشفى ميدانيًا جديدًا في خانيونس لتخفيف الضغط على القطاع الصحي ( صور )
- تصعيد ميداني في خانيونس: القسام تنفذ سلسلة كمائن وتكبد جيش الاحتلال خسائر متلاحقة
ووفقًا لشهادات سكان محليين، فقد توجهت المركبة مباشرة إلى أحد منازل الحي، لتبدأ هناك فصلًا جديدًا من التصعيد الدموي.
وبحسب الشهود، اقتحمت القوة الإسرائيلية المنزل المستهدف وقامت على الفور بإعدام رب الأسرة أمام زوجته وأطفاله، دون أي اشتباك أو مقاومة تذكر، قبل أن يتضح لاحقًا أن القتيل هو أحمد كامل سرحان، أحد القيادات الميدانية في "ألوية الناصر صلاح الدين"، الذراع العسكري للجان المقاومة الشعبية في غزة.
ولم تكتف القوة بالإعدام الميداني، بل أقدمت على اعتقال الزوجة وأطفالها واقتادتهم معها إلى جهة مجهولة، في مشهد أثار الذعر والذهول في أوساط السكان.
انسحاب دموي
وخلال محاولة انسحاب القوة الخاصة من قلب خانيونس، شهدت المدينة تصعيدًا مفاجئًا ومرعبًا، إذ شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية أكثر من 30 غارة جوية خلال 40 دقيقة فقط، في عملية تغطية جوية مكثفة لتأمين انسحاب العناصر المتسللة.
وشارك في العملية الجوية المروحيات والدبابات التي أطلقت نيرانها بكثافة، ما أسفر عن سقوط عشرات الشهداء والجرحى، معظمهم من المدنيين الذين لم يكن لهم أي علاقة بالعملية الخاصة.
وبحسب ما أورده سكان المنطقة، فإن أحد الأطفال في العائلة التي تم اقتحام منزلها قد استشهد أثناء انسحاب القوة، في حادثة تضاعف من بشاعة المشهد وتثير تساؤلات قانونية وإنسانية حول سلوك القوة المنفذة.
كما طالت الغارات الإسرائيلية خيام النازحين وسط مدينة خانيونس، وهو ما أدى إلى وقوع عدد كبير من الإصابات في صفوف العائلات التي كانت تبحث عن مأوى مؤقت، كذلك استهدف معمل الأدوية التابع لمجمع ناصر الطبي، ما ينذر بكارثة صحية في ظل الحصار وانهيار القطاع الصحي بفعل الحرب المستمرة.
ردود رسمية إسرائيلية
وفي أعقاب العملية، اكتفى المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بالإشارة إلى أن ما جرى هو جزء من "عملية عربات جدعون"، التي قال إنها جارية في مختلف أنحاء قطاع غزة، دون الخوض في تفاصيل الأهداف أو طبيعة العملية.
أما موقع "واللا" العبري، فنقل عن مصدر عسكري إسرائيلي تأكيده تنفيذ العملية دون تسجيل إصابات في صفوف القوات، لكنه لم يكشف عن دوافع العملية أو مصير المختطفين.
وقد أكدت قناة الأقصى الفضائية أن جثمان الشهيد الذي أعدمته القوة الإسرائيلية وصل إلى مستشفى ناصر في مدينة خانيونس، حيث تم الإعلان رسميًا عن هويته وهو أحمد كامل سرحان، القيادي في ألوية الناصر، ليضاف اسمه إلى قائمة طويلة من القادة الذين قضوا في ظروف مشابهة منذ بداية الحرب.