في تطور لافت يعكس حجم التخبط الميداني والسياسي داخل المنظومة الإسرائيلية، كشف مراسل قناة "الغد"، اليوم الإثنين، عن عملية خاصة سرية نفذها الجيش الإسرائيلي في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، وسط تكتم رسمي شديد، وترجيحات واسعة بفشل المهمة وعدم تحقيق أهدافها الاستخباراتية.
عملية "عربات جدعون"
أوضح المراسل أن بيان الجيش الإسرائيلي بشأن استمرار عملية "عربات جدعون" جاء غامضًا بشكل غير مألوف، حيث لم يتضمن أي إشارة صريحة إلى تنفيذ عملية ميدانية خاصة، ما اعتبره المراسلون والمحللون في إسرائيل مؤشرًا على فشل العملية، خاصة في ظل غياب إعلان رسمي أو احتفالي من الجيش كما جرت العادة في العمليات الناجحة.
اقرأ أيضًا:
- "عربات جدعون" تشتعل في غزة.. هل اقتربت ساعة الحسم؟
- التفاصيل الكاملة لعملية عربات جدعون.. 3 مراحل تقود إلى احتلال غزة بالكامل
ووفق ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية، فقد تسللت وحدة خاصة من الجيش، متنكرة في زي نساء ونازحات فلسطينيات، إلى منطقة محددة في خان يونس، بهدف اعتقال قيادي بارز في المقاومة، لكن العملية انتهت باغتياله بدلاً من أسره، مما يعد فشلًا واضحًا في تحقيق الهدف الاستخباراتي الأساسي، وهو الحصول على معلومات حيّة ومباشرة من القيادي المستهدف.
الفشل الاستخباراتي والرهائن المجهولون
ووفق مراسل "الغد"، فإن الهدف الحقيقي من هذه العملية لم يكن كما روّجت بعض الجهات الإسرائيلية لتحرير رهائن، بل كان يتمثل في محاولة انتزاع معلومات دقيقة حول مصير وأماكن احتجاز الرهائن داخل غزة.
وتأتي هذه المحاولة بعد اعترافات إسرائيلية متزايدة بفشل الأجهزة الأمنية، خصوصًا الاستخبارات العسكرية، في توفير معلومات حقيقية عنهم، رغم السمعة التي تحيط بها وقدرتها المزعومة على "رصد دبيب النملة في طهران"، حسب تعبير المراسل.
عاصفة داخل الكابينت
وفي سياق موازي، شهد اجتماع المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) الليلة الماضية أجواءً مشحونة، بسبب القرار المفاجئ الذي اتخذه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو باستئناف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، دون عرضه للتصويت، ما أثار موجة من الانتقادات الحادة من عدد من الوزراء، خصوصًا من جناح اليمين المتطرف.
ووفق تسريبات نشرتها صحيفة "يسرائيل هيوم"، فإن نتنياهو أوضح لوزرائه أن قراره جاء استجابة لضغوط قوية مارستها الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس دونالد ترمب، إلى جانب تهديدات أوروبية مباشرة بفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية على إسرائيل إذا استمرت في سياسة الحصار الإنساني الخانقة للقطاع.
ودافع وزير الخارجية الإسرائيلي غدعون ساعر، عن القرار بشدة، مشيرًا إلى أنه ضروري للحد من التوترات الدولية المتصاعدة، وتجنب اتهامات دولية متكررة لإسرائيل بارتكاب "مجازر وتجويع ممنهج" بحق السكان في غزة، وهي اتهامات بدأت تحظى باهتمام متزايد في الأوساط الحقوقية والإعلامية الغربية.
ولم يقتصر النقاش داخل الحكومة على مبدأ إدخال المساعدات، بل تركز أيضًا على آلية توزيعها، حيث أبدى الجيش الإسرائيلي رفضه الصريح لأن يكون طرفًا مباشرًا في عملية التوزيع، خشية التورط في فضائح محتملة أو اتهامات بالتمييز وسوء الإدارة.
ودفع هذا الموقف الحكومة إلى التعاقد مع شركة أميركية خاصة لتتولى الإشراف على توزيع المساعدات بشكل مستقل ومنفصل عن الجيش.
وأكد مراسل "الغد" أن موظفي الشركة الأميركية وصلوا بالفعل إلى مطار بن غوريون أمس، تمهيدًا لبدء مهمتهم في الإشراف على المساعدات التي ستدخل عبر معبر رفح، ضمن خطة تشمل إنشاء مناطق توزيع محصورة ومراقبة بدقة في مدينة رفح.
ووفق مصادر إسرائيلية تحدثت للمراسل، فإن إدخال المساعدات سوف يستمر حتى 24 مايو الجاري وفق الآلية الحالية، ليتم بعدها الانتقال إلى الآلية الجديدة التي تنفذها الشركة الأميركية، بهدف ضمان أن تصل المساعدات إلى مستحقيها، ومنع تسربها إلى عناصر حركة حماس.
وبحسب التقديرات الميدانية، فإن عملية استئناف إدخال المساعدات مرشحة للانطلاق خلال الساعات القليلة المقبلة أو في غضون الأيام القادمة، على أن يتم العمل بالآلية الأميركية فور اكتمال الترتيبات اللوجستية والتقنية.