في خطوة جديدة تجسد سياسات التهجير القسري الممنهجة التي تمارسها السلطات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في الداخل، نفذت قوات الاحتلال، يوم الإثنين، حملة هدم واسعة طالت 16 منزلًا في قرية "السر" الواقعة في منطقة النقب، جنوب الأراضي المحتلة، والتي تعد من القرى الفلسطينية "مسلوبة الاعتراف".
حملة هدم تحت حصار أمني مشدد
وبحسب ما أوردته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، انتشرت مئات العناصر من الشرطة الإسرائيلية منذ ساعات الصباح الباكر في محيط قرية السر، وطوقت المنطقة بالكامل، ومنعت الأهالي من الاقتراب أو حتى توثيق عمليات الهدم التي جرت وسط أجواء مشحونة بالتوتر والغضب.
اقرأ أيضًا:
- تفاصيل الاتهامات.. السفارة الأمريكية تكشف حقيقة خطة تهجير سكان غزة إلى هذه الدولة
- عربات جدعون وقمة بغداد ، بين التهجير الممنهج والإختبار العربي
وجاء الاقتحام تنفيذا لقرار محكمة بئر السبع المركزية الصادر يوم الخميس الماضي، والذي يقضي بهدم منازل القرية بالكامل وإخلائها من سكانها الفلسطينيين، والقرار جاء كجزء من سلسلة قرارات إسرائيلية تستهدف قرى النقب غير المعترف بها، والتي تحرم من أبسط الحقوق القانونية والخدماتية.
التهجير يطرق أبواب 1500 مواطن
وقال سليمان الهواشلة، المدير العام للمجلس الإقليمي للقرى مسلوبة الاعتراف، إن عمليات الهدم التي نفذت صباح الإثنين استهدفت 16 منزلاً على الأقل، فيما سبق أن أقدم بعض السكان، مكرهين، على هدم منازلهم بأيديهم خلال الأسابيع الماضية تجنبًا للغرامات والاعتداءات الأمنية.
وأشار الهواشلة إلى أن قرية السر تأوي ما يقارب 1500 نسمة من أبناء قبيلة العزازمة، وهم يعيشون في ظروف قاسية للغاية، إذ تفتقر القرية لأي بنية تحتية، فلا توجد فيها شبكات مياه أو كهرباء أو صرف صحي، ولا مدارس ولا مراكز طبية، بل حتى الطرق المؤدية إليها غير ممهدة.
سياسات ممنهجة
وأكد الهواشلة أن ما يجري لا يمكن فصله عن سياسات التهجير القسري المتصاعدة التي تنفذها سلطات الاحتلال بحق الفلسطينيين داخل أراضي 1948، خصوصًا في النقب، وذلك في وقت يتم فيه الإعلان عن مشاريع لإقامة مستوطنات جديدة في نفس المناطق التي يهجر منها السكان الأصليون.
مراسل الجرمق: من مكان عمليات الهدم لمنازل وملحقات عائلة الوليدي في قرية السر بالنقب. pic.twitter.com/9UdhTL0HmM
— الجرمق الإخباري (@aljarmaqnet) May 19, 2025
ولفت إلى أن سياسة الهدم المتكررة التي تستهدف القرى "مسلوبة الاعتراف" تمثل وجهًا آخر من وجوه العنصرية الإسرائيلية، التي تسعى لإحلال مشاريع استيطانية مكان التجمعات الفلسطينية، وفرض واقع ديموغرافي جديد في الجنوب على حساب سكانه الأصليين.
تهديد شامل
وفي تطور خطير، أفادت مصادر من داخل المجلس الإقليمي للقرى مسلوبة الاعتراف بأن هناك نية مبيتة لهدم ما يزيد عن 200 منزل إضافي في قرية السرة المجاورة خلال الأسبوعين المقبلين، الأمر الذي سيؤدي فعليًا إلى إزالة القرية من الوجود وتهجير سكانها بالكامل.
ويمثل هذا التهديد تصعيدًا غير مسبوق في سياسة الاقتلاع القسري، حيث تهدف السلطات إلى إنهاء الوجود الفلسطيني في هذه المنطقة عبر القوة والقرارات القضائية المجحفة، دون أي بديل حقيقي أو حتى تعويض عادل للسكان الذين عاشوا في هذه القرى لعقود طويلة قبل قيام إسرائيل.