في ظل تصاعد التوترات الإقليمية واستمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، نفت السفارة الأمريكية في طرابلس بشكل قاطع ما ورد في تقرير بثته قناة "إن بي سي نيوز" الأمريكية، والذي زعم أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وضعت خطة سرية تهدف إلى تهجير نحو مليون فلسطيني من غزة إلى الأراضي الليبية.
وجاء نفي السفارة في منشور مقتضب نشر مساء أمس عبر حسابها الرسمي على منصة "إكس"، حيث أكدت فيه أن الادعاءات التي تفيد بعزم الولايات المتحدة نقل سكان غزة إلى ليبيا لا أساس لها من الصحة على الإطلاق، في نفي مباشر وصريح لما وصفته بـ"مزاعم غير دقيقة ومضللة".
اقرأ أيضًا:
- عربات جدعون وقمة بغداد ، بين التهجير الممنهج والإختبار العربي
- خطة ممنهجة.. تسريبات خطيرة تكشف استراتيجية نتنياهو لتهجير الفلسطينيين وتفريغ غزة
تقرير "NBC" يثير الجدل
وكانت قناة NBC News الأمريكية قد أثارت عاصفة من الجدل بعد نشرها تقريراً استند إلى تصريحات نسبت إلى "شخصين مطلعين" ومصدر ثالث وصفته بأنه مسؤول أمريكي سابق، زعمت فيه أن إدارة ترامب عملت بشكل جدي على خطة تهدف إلى نقل ما يقارب مليون فلسطيني من قطاع غزة إلى ليبيا على نحو دائم.
وبحسب ما نقلته القناة، فإن تلك الخطة بلغت مرحلة متقدمة من البحث إلى حد التفكير في عقد مشاورات مباشرة مع القيادة الليبية في ذلك الوقت بشأن تنفيذها، رغم أن تفاصيل إضافية عن هوية المسؤولين الليبيين المعنيين لم تذكر.
وتضمن التقرير مزاعم إضافية بأن الإدارة الأمريكية السابقة كانت تفكر في إغراء الجانب الليبي عبر الإفراج عن مليارات الدولارات من الأموال الليبية المجمدة منذ أكثر من عقد من الزمن، وذلك كجزء من صفقة مشروطة بقبول ليبيا استقبال مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين سيتم تهجيرهم قسرياً من قطاع غزة.
إسرائيل أبلغت بالتفاصيل
ووفقاً لنفس التقرير، فإن إسرائيل كانت على علم بهذه المناقشات التي لم تصل إلى نتيجة نهائية، ما يعني أن الفكرة، إن وجدت، لم تتجاوز مرحلة التداول الأولي ولم تترجم إلى خطوات رسمية أو اتفاقات ملزمة.
ومنذ مطلع العام 2024، ومع تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، بدأت تتجدد بعض الطروحات التي تحمل طابع التهجير الجماعي، حيث يروج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ضمن خطاباته ومقترحاته، لفكرة إفراغ غزة من سكانها وترحيلهم إلى دول مجاورة، في مقدمتها مصر والأردن.
غير أن هذه الدول، إلى جانب العديد من العواصم العربية والمنظمات الإقليمية والدولية، أعربت بشكل واضح عن رفضها التام لأي خطة ترمي إلى تهجير الفلسطينيين أو العبث بالديموغرافيا الجغرافية للمنطقة.
جرائم حرب
وتأتي هذه الأنباء في سياق حرب إسرائيلية مستمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، ارتكبت خلالها قوات الاحتلال جرائم وُصفت من قبل منظمات دولية بأنها "إبادة جماعية ممنهجة".
وقد أسفرت هذه الحرب حتى الآن عن سقوط نحو 174 ألف شهيد وجريح، غالبيتهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى ما يزيد عن 11 ألف مفقود لم يعرف مصيرهم حتى اللحظة، في ظل حصار خانق وانهيار كامل للمنظومة الصحية والخدمية في القطاع.
ورغم النفي الرسمي الذي صدر عن السفارة الأمريكية في ليبيا، إلا أن الشكوك لا تزال قائمة في الأوساط الإعلامية والسياسية بشأن مدى مصداقية هذا النفي، خاصة في ظل تاريخ إدارة ترامب الذي حفل بمشاريع تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، كان أبرزها "صفقة القرن".
ويخشى مراقبون أن تكون هذه الطروحات – سواء أقرت رسمياً أو تم تداولها خلف الكواليس – جزءاً من سيناريوهات بعيدة المدى تهدف إلى تهجير الفلسطينيين قسراً تحت غطاء الحرب والتدمير.