شدد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود باراك، في مقال تحليلي نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، على أن إسرائيل تقف بعد نحو عشرين شهراً من أحداث السابع من أكتوبر 2023 أمام خيار مصيري: فإما التوجه نحو اتفاق يضمن إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين ووقف الحرب، أو المضي في جولة جديدة من القتال الهدام يسعى خلالها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لتحقيق "نصر كامل" على حركة حماس.
رهان داخلي وضغط خارجي
وأشار "باراك"، إلى أن نتنياهو يعتمد داخلياً على دعم وزراء اليمين المتطرف، أمثال إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، الذين يطالبون بإعادة احتلال قطاع غزة وإعادة توطينه، أما على الصعيد الدولي، فتتزايد الضغوط عليه، لاسيما من الولايات المتحدة، حيث أفادت تقارير بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب هدده صراحة بقوله: "سنتخلى عنك إذا لم تنتهي الحرب".
كما أوضح "باراك"، أن هناك دولاً مثل فرنسا وبريطانيا وكندا رفعت من حدة خطابها تجاه إسرائيل، مطالبة بتجديد المساعدات الإنسانية لغزة، في حين أقدمت المملكة المتحدة على تعليق مفاوضات اتفاق تجاري ثنائي مع تل أبيب.
فرصة للسلام الإقليمي
وأفاد "باراك"، بأن التوصل إلى اتفاق يمكن أن ينتهي بتحرير الأسرى وإنهاء المأساة الإنسانية وبدء عملية إعادة الإعمار، علاوة على فتح الباب أمام انخراط إسرائيل في منظومة إقليمية تشمل السعودية والممر الاقتصادي الذي يربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا.
إلا أن هذا المسار، بحسب باراك، يحمل في طياته مخاطر سياسية كبيرة على نتنياهو، على رأسها احتمال خسارة تحالفه الحكومي المتشدد، وانطلاق مسار محاسبة سياسي على إخفاقات السابع من أكتوبر، وتسريع الإجراءات القضائية في قضايا الفساد التي تلاحقه، خصوصًا في ظل استطلاعات تشير إلى أن أكثر من 70% من الإسرائيليين يرونه مسؤولاً عما حدث، ونصفهم يعتقدون أنه يتحرك بدوافع شخصية لا وطنية.
حرب من أجل البقاء السياسي
ونوّه باراك إلى أن استمرار الحرب يمنح نتنياهو غطاءً سياسياً، لكنه يشكل في الوقت نفسه "كارثة استراتيجية"، مشيراً إلى استحالة القضاء التام على تنظيم متجذر وسط أكثر من مليوني مدني. وأضاف أن هذه الحرب ليست لحماية أمن إسرائيل، وإنما لحماية نتنياهو نفسه، واعتبر الهجوم الجديد مجرد محاولة لإطالة عمر حكومة تتآكل من الداخل.
حل بديل مطروح منذ عام
وطرح باراك رؤية بديلة، كانت مطروحة منذ أكثر من عام، تتمثل في تشكيل قوة انتقالية بقيادة عربية، بدعم من الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية وبتمويل خليجي، تتولى إعادة الإعمار، إلى جانب إدارة مؤقتة يشرف عليها تكنوقراط فلسطينيون، وجهاز أمني جديد بإشراف عربي وأميركي مشترك.
واختتم باراك مقاله بالتأكيد على أن لدى إسرائيل فرصة لعقد صفقة شاملة تشمل إطلاق سراح كافة الأسرى، وإنهاء الحرب، والانضمام إلى نظام إقليمي تشارك فيه السعودية. لكنه حذّر من أن هذا الخيار من شأنه أن يُفكك التحالف الحكومي الحالي ويُنهي المسيرة السياسية لنتنياهو. واختتم قائلاً إن رئيس الوزراء لا يتصرف وفق مصلحة الدولة، بل بدافع البقاء السياسي فقط، مضيفاً: "كل حجة أخرى ليست سوى ستار دخان".