وسط تصاعد الدعوات الإسرائيلية والدولية المطالبة بنزع سلاح حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في قطاع غزة، استبعد خبراء ومحللون فلسطينيون أن تقدم الحركة على خطوة كهذه، مؤكدين أن التخلي عن السلاح يشكل خطًا أحمر بالنسبة للحركة، ويعد بمثابة انتحار سياسي وعسكري في ظل ظروف ميدانية حساسة ومعقدة.
وتتمسك الحكومة الإسرائيلية، بقيادة بنيامين نتنياهو، بموقفها المتشدد، حيث ترفض وقف الحرب على غزة ما لم تقدم حماس على تسليم سلاحها بالكامل، إلى جانب إبعاد قياداتها إلى خارج القطاع، وهو ما ترفضه الحركة بشكل قاطع، مؤكدة أن سلاح جناحها العسكري يمثل ركيزة وجودها الأساسية، وأحد أعمدة قوتها وشرعيتها، ليس فقط داخل غزة، بل على الساحة الفلسطينية والإقليمية عمومًا.
اقرأ أيضًا:
- ماذا يحدث داخل "حماس"؟.. صحيفة تكشف أسرار الأزمة الأكبر في تاريخ الحركة
- تسجيل صوتي سري يؤكد الوفاة.. قناة عبرية تكشف ما فعلته حماس بجثمان محمد السنوار
تسليم السلاح
وأكد الدكتور كمال الأسطل، الخبير في الشأن الفلسطيني، أن تفكير حماس في تسليم سلاحها يعد أمرًا بالغ الخطورة، ويفتح الباب أمام تفكيك الحركة سياسيًا وعسكريًا، مضيفًا أن اتخاذ مثل هذا القرار دون موافقة الحلفاء الإقليميين—خصوصًا إيران—يبدو مستبعدًا.
وأوضح أن سلاح حماس لا يمثل قضية داخلية خاصة بها فحسب، بل يرتبط كذلك بفصائل أخرى في غزة مثل حركة الجهاد الإسلامي، وهو ما يجعل الأمر أكثر تعقيدًا من مجرد قرار تنظيمي داخلي.
وأشار الأسطل إلى أن التخلي عن السلاح يعني عمليًا التخلي عن التحالف الاستراتيجي مع إيران، التي تعتبر أحد أكبر ممولي الحركة سياسيًا وعسكريًا، وهو ما يعني أيضًا ضرورة قيام حماس بإعادة صياغة ميثاقها السياسي بشكل جذري، كي تتمكن من الحصول على دعم بديل من أطراف إقليمية أو دولية أخرى، وربما السعي للخروج من قوائم "الإرهاب" الدولية لتسهيل تمويل أنشطتها مستقبلًا.
ورجح الأسطل أن حماس قد تقبل في إطار صفقة سياسية شاملة بتجميد نشاطها العسكري مؤقتًا، وربما التعهد بعدم تطوير قدراتها التسليحية، لكن دون المساس بسلاحها القائم، خصوصًا في ظل تعقيدات ميدانية تمنح نتنياهو فرصة للاستفادة من تمسك حماس بالسلاح كذريعة لمواصلة الحرب وكسب مزيد من الوقت سياسيًا.
شعبية حماس على المحك
من جانبه، يرى الخبير الفلسطيني محمد هواش، أن فكرة نزع سلاح حماس بالكامل لا تجد قبولًا شعبيًا أو فصائليًا داخل غزة، مرجحًا أن أي خطوة في هذا الاتجاه قد تؤدي إلى تفكك الحركة من الداخل، وانشقاق قيادات بارزة عنها، مما سيعيد إلى الأذهان سيناريو تفكك حركة فتح وفصائل منظمة التحرير في حقب سابقة.
وأكد هواش، أن حماس قد تبدي ي مرونة جزئية بقبول صيغة "تجميد السلاح" أو "حصر استخدامه في القضايا الأمنية والدفاع الذاتي"، لكن فكرة تسليم السلاح بالكامل غير مقبولة، سواء من حماس أو من الفصائل الحليفة لها في غزة، مثل لجان المقاومة وسرايا القدس، والتي قد تتحول إلى حجر عثرة أمام تنفيذ أي اتفاق يمس جوهر العمل المقاوم.
وشدد على أن هذه المسألة "معقدة للغاية"، وتعد أحد أبرز التحديات التي تواجه مفاوضات التهدئة أو اتفاقيات وقف إطلاق النار المستقبلية، خصوصًا في ظل غياب الثقة بين الأطراف، وغياب أفق سياسي واضح يضمن استمرارية أي اتفاق مستقبلي يُلزم كل الأطراف.
تفاهمات محتملة
وبحسب هواش، فإن التفاهمات بشأن السلاح، إن وجدت، ستجري عبر وسطاء دوليين وإقليميين، لكن نجاحها يتوقف على مدى الضغط الأمريكي الحقيقي على إسرائيل، من أجل إقناعها بتقديم تنازلات ملموسة تنهي الحرب وتسحب ذرائع نتنياهو الرامية إلى إطالة أمدها.
كما أشار إلى أن الحرب الإسرائيلية الأخيرة دمرت بالفعل جزءًا كبيرًا من البنية التحتية العسكرية لحماس، ما قد يدفع بعض الأطراف للرهان على وضع الحركة تحت ضغط واقعي يدفعها للقبول بتفاهمات مرنة بشأن سلاحها، دون أن يُطلب منها إعلان استسلام مباشر.