كشف تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن العملية البرية الإسرائيلية المسماة “عربات جدعون”، التي أطلقتها تل أبيب في قطاع غزة يوم الأحد الماضي، تشهد تباطؤًا واضحًا في وتيرتها، على الرغم من التهديدات المتكررة التي أطلقها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وعدد من قادة الجيش بشأن تصعيد شامل في القطاع، في حال لم تستجب حركة حماس للشروط الإسرائيلية المقترحة للهدنة.
وبحسب التقرير، فإن إسرائيل كانت قد أعلنت قبل انطلاق العملية في 18 مايو الجاري عن تعبئة خمس فرق عسكرية للمشاركة في الهجوم البري، مع وضع خطة لتقسيم قطاع غزة إلى مناطق منفصلة، وإصدار أوامر للسكان الفلسطينيين بإخلاء مناطق القتال، تمهيدًا لاجتياح أوسع.
اقرأ أيضًا:
- الجيش الإسرائيلي يكشف مجريات عملية "عربات جدعون".. هذا ما يحدث في غزة
- فتحت أبواب الجحيم.. هل ستكون "عربات جدعون" آخر العمليات الإسرائيلية في غزة؟
فشل عربات جدعون
ورغم هذه المؤشرات التي عكست نية واضحة لتصعيد الهجوم، أفادت الصحيفة أن التقدم العسكري الإسرائيلي لا يزال بطيئًا ومحاطًا بتكتم شديد، حيث لم تظهر تل أبيب أي تقدم فعلي في عمق المدن الفلسطينية الكبرى مثل خان يونس أو مدينة غزة، كما كان الحال في المراحل الأولى من الحرب، الأمر الذي يثير تساؤلات حول مدى فعالية العملية وواقعها الميداني.
وتظهر صور الأقمار الصناعية الملتقطة في 20 مايو مؤشرات على تحركات عسكرية إسرائيلية بالقرب من الحدود مع غزة، خصوصًا في الشمال وبمحيط مدينة خان يونس جنوبًا، إلى جانب تحركات نشطة في منطقة رفح، وتشير الصور أيضًا إلى أن رفح تعرضت لدمار واسع النطاق منذ انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في منتصف مارس الماضي.
انتقادات حادة
وتعليقًا على شح المعلومات الواردة من ساحة العمليات، صرحت المتحدثة باسم الجيش الإسرائيلي، إيفي ديفرين، بأن الغموض في إعلان تفاصيل العملية هو سياسة متعمدة تهدف إلى حماية القوات من الاستهداف المباشر عبر الحفاظ على سرية التحركات.
وفي موقف يعكس تصعيدًا ضمنيًّا في النوايا الإسرائيلية، ألمح نتنياهو إلى احتمال فرض سيطرة أمنية إسرائيلية مباشرة على قطاع غزة، وهي خطة أثارت موجة قلق دولي واسع، لما تحمله من دلالات تتعلق بتهجير كبير للفلسطينيين نحو جنوب القطاع، ضمن إعادة هندسة سكانية مرفوضة دوليًا.
ولم تمر العملية دون انتقادات حادة من الحلفاء الغربيين التقليديين لإسرائيل، حيث أصدرت كل من بريطانيا وفرنسا وكندا بيانات علنية نادرة تنتقد الهجوم العسكري الواسع، وتدعو إلى وقفه فورًا، في إشارة إلى تزايد الخلافات بين تل أبيب وشركائها الغربيين على خلفية استمرار العمليات وسقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين.
نهب المساعدات الإنسانية
تزامنًا مع بدء عملية “عربات جدعون”، أعلنت الوكالة العسكرية الإسرائيلية المكلفة بإدارة الشؤون الإنسانية عن استئناف دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وذلك بعد توقف دام أكثر من شهرين.
ووفقًا لما صدر عنها، فإن أكثر من 400 شاحنة محملة بالغذاء والوقود والأدوية دخلت القطاع خلال الأيام الأولى للعملية.
ورغم هذا التطور، حذر مسؤولو الإغاثة من أن الكميات التي دخلت لا تمثل سوى جزء ضئيل مما يحتاجه القطاع المنكوب، في ظل أزمة إنسانية خانقة يعاني منها السكان المحاصرون.
وتفاقمت الأزمة الميدانية مع تعرض قوافل المساعدات لعمليات نهب واسعة، حيث أكدت الأمم المتحدة أن ما لا يقل عن 15 شاحنة تابعة لبرنامج الغذاء العالمي تعرضت للسطو والسرقة، وهو ما يعرقل بشكل كبير وصول الإغاثة إلى مستحقيها الحقيقيين، ويعكس حجم الفوضى والتدهور الأمني في مناطق العمليات.