فتحت أبواب الجحيم.. هل ستكون "عربات جدعون" آخر العمليات الإسرائيلية في غزة؟

عربات جدعون
عربات جدعون

في تحول لافت في استراتيجيتها تجاه قطاع غزة، أطلقت إسرائيل عملية عسكرية واسعة النطاق تحت اسم "عربات جدعون"، والتي تشير الوقائع الميدانية والتصريحات السياسية إلى أنها ليست مجرد حلقة جديدة في سلسلة الحروب ضد حركة حماس، بل محاولة لحسم ما تصفه تل أبيب بـ"المعركة الأخيرة" ضد حكم الحركة في القطاع، الممتد منذ عام 2007.

اقرأ أيضًا:

عملية بحجم الطموح السياسي

جاءت أولى المؤشرات على الطابع غير التقليدي للعملية من خلال التصريحات العلنية للمسؤولين الإسرائيليين، فقد صرح وزير الجيش الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، قبل انطلاق العملية، بأن الجيش سوف يستخدم "قوة هائلة" حتى تحقيق جميع أهداف الحرب، مؤكدًا أن القوات الإسرائيلية لن تنسحب من المناطق التي تسيطر عليها داخل القطاع.

أما صحيفة "إسرائيل هيوم"، المقربة من دوائر صنع القرار، فقد عنونت في عددها الصادر قبل انطلاق العملية: "لا انسحاب من غزة حتى القضاء على حماس وعودة الرهائن"، وهو العنوان الذي لخص النوايا الإسرائيلية تجاه طبيعة الحرب المقبلة، التي تهدف إلى فرض وجود عسكري طويل الأمد في غزة حتى تفكيك البنية التحتية لحماس عسكريًا وإداريًا.

عربات جدعون

يحمل اسم العملية أبعادًا رمزية، إذ يعود إلى "عملية جدعون" التي نفذتها منظمة الهاغاناة في خضم الحرب الأهلية التي سبقت إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948، والتي أدت إلى الاستيلاء على مدينة بيسان في شمال فلسطين وتهجير سكانها الفلسطينيين، ضمن خطة منظمة لتطهير المناطق الفلسطينية وضمها إلى الدولة الناشئة.

ويعكس هذا السياق التاريخي رغبة إسرائيل في تكرار سيناريو تطهير سياسي وعسكري في غزة، تمهيدًا لإعادة رسم خريطة السيطرة بالكامل، وفق ما أعلنه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مؤخرًا، حين وصف العملية بأنها تمثل "خطة الحرب والنصر"، مؤكدًا أن إسرائيل تنوي "السيطرة الكاملة على قطاع غزة".

ثلاث مراحل لحسم المعركة

وكشف تقرير صادر عن معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أن العملية تم التخطيط لها بعناية فائقة، وستنفذ على ثلاث مراحل، تتضمن تدريجًا تكتيكيًا يسمح لإسرائيل بمراجعة وتكييف مخرجات العملية حسب الظروف السياسية أو العسكرية، بما في ذلك احتمال التفاوض إن قبلت حماس بالشروط الإسرائيلية.

وتتلخص هذه المراحل في:

  1. استنزاف البنية القتالية لحماس من خلال عمليات جوية وبرية دقيقة.
  2. توسيع نطاق السيطرة الميدانية لتشمل مناطق استراتيجية داخل القطاع.
  3. فرض وقائع جديدة تؤسس لوجود طويل الأمد، مع ترك هامش تفاوضي لحماس في حال انهيارها السياسي والعسكري.

حماس تحت الضغط

ويشير التقرير ذاته إلى أن حماس فقدت كثيرًا من قدراتها العسكرية، إلى جانب سيطرتها الإدارية المطلقة التي لطالما ميزت حكمها في غزة، فالمعارك الأخيرة أظهرت هشاشة التنظيم في عدة مناطق، كما تفاقمت حالة الفوضى الميدانية، وبرزت احتجاجات شعبية ضد الحركة، تراوحت بين رفض التجنيد الإجباري والانفلات الأمني، وصولًا إلى عمليات نهب لمخازن المساعدات الإنسانية.

هذه التغيرات الجوهرية، حسب التقرير، تهيئ البيئة الملائمة لنجاح العملية، وتفتح الباب أمام إعادة تشكيل مستقبل القطاع دون حماس.

ويرى كوبي مايكل، الباحث في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، أن حماس باتت تواجه "ضغطًا عسكريًّا غير مسبوق"، واصفًا الوضع الميداني بأنه "ديناميكية عسكرية قد تُجدي نفعًا هذه المرة".

وفي تصريحاته لصحيفة "نيويورك تايمز"، أشار مايكل إلى أن مقتل عدد كبير من عناصر حماس في المراحل الأولى من عملية "عربات جدعون" أعاد الحركة إلى طاولة المفاوضات، في مؤشر على تراجع معنوي وتكتيكي قد يسمح لإسرائيل بفرض شروطها بقوة السلاح.

إرم نيوز