أثيرت حالة من الجدل عقب تداول تصريحات الجنرال الإسرائيلي المتقاعد إسحاق بريك، التي زعم فيها أن الجيش المصري يشهد توسعاً كبيراً على صعيد العتاد والبنية التحتية، متّهماً القاهرة بانتهاك اتفاق السلام من خلال نشر قوات عسكرية ضخمة في شبه جزيرة سيناء.
تراجع القدرات الإسرائيلية
ولفت "بريك"، إلى أن الجيش الإسرائيلي قام خلال العشرين عاماً الماضية بتقليص قدراته العسكرية، حيث خفض عدد الفرق القتالية، والدبابات، وسرايا المدفعية، وألوية المشاة، ووحدات الهندسة وجمع المعلومات الاستخباراتية، علاوة على آلاف الجنود النظاميين، حتى أصبحت القوة البرية الإسرائيلية لا تتجاوز ثلث حجمها قبل عقدين من الزمن، وفق ما نقلته صحيفة "معاريف".
توسع غير مسبوق في سيناء
كما أدعى "بريك"، أن مصر قامت ببناء بنية تحتية ضخمة لتخزين الدبابات والمدفعية والمعدات الهندسية، وقد توسعت هذه البنية من 300 ألف متر مربع إلى 2.5 مليون متر مربع في السنوات الأخيرة، ما يدل على وتيرة توسع عسكري لافتة.
رد مصري حاسم
وفي هذا الصدد، أوضح اللواء أركان حرب أسامة محمود كبير، المستشار في كلية القادة والأركان، في تصريح لـ"العربية.نت"، أن مزاعم بريك ليست جديدة، بل أعيد طرحها مراراً منذ بدء الحرب على غزة، وآخرها على لسان داني دانون، مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة.
ووصف "محمود"، تلك التصريحات بأنها "إفلاس استراتيجي"، وتهدف فقط إلى لفت انتباه الرأي العام، مؤكداً أن انتشار القوات المصرية في سيناء جرى قبل الحرب على غزة بسبع سنوات في إطار محاربة الإرهاب، وبتنسيق تام مع القوة متعددة الجنسيات والمراقبين الدوليين (MFO)، وأنه بعد انتهاء مهام تلك القوات، أعادت تمركزها.
كما أعرب "محمود"، عن استغرابه من حديث بريك عن مخازن وأنفاق وتجهيزات عسكرية شرق وغرب القناة، مؤكدًا على أن لكل دولة الحق الكامل في اتخاذ ما يلزم من إجراءات لحماية أمنها القومي، دون وصاية من أحد.
انتهاك إسرائيلي واضح
من جانبه، أفاد الدكتور إسماعيل تركي، الخبير في العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، بأن التوغل العسكري الإسرائيلي في محور صلاح الدين (فيلادلفي) يمثل تصعيداً خطيراً وانتهاكاً مباشراً لاتفاقية السلام الموقعة عام 1979، لافتًا إلى أن الاتفاق ينص صراحة على عدم وجود أي قوات إسرائيلية في تلك المنطقة التي تُعد جزءاً من الأراضي الفلسطينية.
وأوضح "تركي"، أن مثل هذه التحركات تضعف الثقة المتبادلة وتعرض الاستقرار الإقليمي للخطر، مشيرًا إلى أن القاهرة تعاملت بحزم مع هذا الخرق وأكدت رفضها التام لأي وجود عسكري إسرائيلي في المحور الحدودي.
تأكيدات مصرية ورسائل ردع
كما شدد "تركي"، على أن الرد المصري جاء ضمن إطار حماية الأمن القومي، حيث أكدت القاهرة على أن أي نشاط عسكري في هذه المناطق الحساسة يجب أن يكون مسبوقاً بالتنسيق.
كما أوضحت السلطات المصرية أن التعزيزات العسكرية التي أعلنت في سيناء مؤخراً جاءت كرسالة واضحة بأن حماية الأراضي والسيادة الوطنية خط أحمر لا يمكن تجاوزه.
وفي سياق متصل، أكد "تركي"، أن إسرائيل، وليست مصر، هي من خرقت اتفاقية السلام، وأن التحركات المصرية جاءت دفاعاً عن السيادة الوطنية.
والجدير بالذكر أن مصر وقعت مع إسرائيل معاهدة السلام في 26 مارس 1979، بعد اتفاقية كامب ديفيد عام 1978، ورغم ذلك، قامت القوات الإسرائيلية العام الماضي بالسيطرة على محور فيلادلفيا، وتوغلت في الجانب الفلسطيني من معبر رفح، في إطار حملة عسكرية موسعة على قطاع غزة، وهددت بالسيطرة النهائية على عدة مناطق، من بينها محور صلاح الدين.