تعقيدات التهدئة في غزة.. رسائل متضاربة وضغوط أمريكية وهجوم إسرائيلي يلوح في الأفق

مفاوضات غزة
مفاوضات غزة

في ظل تصاعد التوتر في قطاع غزة، تسابق الأطراف الدولية الزمن من أجل التوصل إلى اتفاق عاجل لوقف إطلاق النار، وتأمين الإفراج عن بقية الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس، بينما تواصل إسرائيل التلويح بخيار الهجوم العسكري الواسع على كامل القطاع. 

ورغم الجهود التي يبذلها الوسطاء، لا تزال المؤشرات متضاربة، وسط رسائل متناقضة من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، ومن الولايات المتحدة، التي تبدو في ظاهر الأمر وكأنها تكثف ضغوطها من أجل إنهاء الحرب المستمرة منذ شهور.

العروض المطروحة

وعلى الرغم من هذه الجهود، فإن التقدم في مفاوضات التهدئة لا يبدو حاسماً، حيث أفادت تقارير لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، نقلاً عن مصادر مطلعة طلبت عدم كشف هوياتها، أن العرض المطروح حالياً لا يختلف كثيراً عن مقترحات سابقة. 

ويقضي العرض الأساسي بوقف إطلاق نار مؤقت لمدة ستين يوماً، تفرج خلاله حركة حماس عن قرابة عشرة رهائن أحياء، إلى جانب تسليم جثامين عدد من الرهائن الذين قتلوا خلال الحرب، مقابل إطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

اقرأ أيضًا:

وتنص الخطة أيضاً على أن تستغل إسرائيل وحماس فترة الهدنة المؤقتة للتفاوض حول شروط وقف دائم لإطلاق النار، إلا أن العقبة الأساسية تظل متعلقة بالضمانات السياسية.

وتصر حماس على ضرورة إدراج تعهدات واضحة تضمن إنهاء الحرب بشكل نهائي في نهاية المفاوضات، وهي مطالب ترى فيها إسرائيل تهديداً أمنياً وترفض الاستجابة لها، بحسب ما أكده مسؤولون إسرائيليون وغربيون مشاركون في النقاشات.

وفي هذا السياق، عبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن استعداده لقبول هدنة مؤقتة، لكنه اشترط لإنهاء الحرب شروطاً تعتبرها حماس "تعجيزية وغير قابلة للنقاش"، مثل نزع سلاح الحركة وخروج قيادتها من قطاع غزة بالكامل، ولا تترك هذه الشروط مجالاً كبيراً للتفاوض، وهو ما يعرقل فرص التوصل إلى اتفاق شامل.

شن عملية برية واسعة

بموازاة ذلك، تواصل إسرائيل التهديد بشن عملية برية واسعة النطاق على كامل أراضي القطاع، في خطوة أثارت انتقادات دولية حادة حتى من أقرب حلفائها، مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا. 

وكان الحصار الإسرائيلي على غزة قد بلغ ذروته خلال الأسابيع الماضية، حيث منع دخول المساعدات الإنسانية بشكل تام لمدة تزيد على شهرين، قبل أن تسمح إسرائيل بإدخال كميات محدودة من الغذاء والوقود والأدوية في الأيام الأخيرة.

ورغم أن نتنياهو تعهد بأن أي عملية برية جديدة سوف تسحق حماس "بشكل نهائي"، فإن الداخل الإسرائيلي لا يبدو موحداً خلف هذا الخيار، إذ تطالب عائلات الرهائن بوقف فوري لإطلاق النار، معتبرين أن الأولوية يجب أن تكون لإنقاذ حياة ذويهم قبل أي حسابات عسكرية.

وتفاقم الغموض حول المفاوضات مع تزايد التصريحات المتناقضة من جميع الأطراف، ففي حين أعلنت وسائل إعلام تابعة لحماس يوم الإثنين أن الحركة قبلت عرضاً قدمه مبعوث واشنطن للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، سارعت الولايات المتحدة إلى نفي صحة ذلك، وصرح ويتكوف نفسه لموقع "أكسيوس" الأمريكي قائلاً: "ما رأيته من حماس حتى الآن مخيب للآمال، وغير مقبول على الإطلاق".

تصريحات نتنياهو 

وفي وقت لاحق من مساء الإثنين، بدا نتنياهو متفائلاً عندما أشار إلى إمكانية الإعلان عن تقدم قريب في المحادثات، لكنه عاد ليقول إن تصريحه كان "مجازياً"، ملقياً باللوم على حماس في استمرار الجمود.

أما حركة حماس، فقد أكد أحد مسؤوليها البارزين، باسم نعيم، عبر منصات التواصل الاجتماعي، أن حركته قبلت فعلاً اقتراح ويتكوف، وأنها تنتظر الرد الإسرائيلي عليه.

وتشير التطورات الأخيرة إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بدأ يفقد صبره إزاء استمرار النزاع في غزة، ففي تصريحات أدلى بها للصحفيين يوم الأحد، قال: "أجرينا محادثات مع الإسرائيليين، ونرغب في إنهاء هذا الوضع بأسرع ما يمكن".

جهود أمريكية 

وفي خطوة غير معتادة، أفادت مصادر أمريكية أن إدارة ترامب قامت في وقت سابق من شهر مايو الجاري بالتفاوض مباشرة مع حركة حماس بشأن إطلاق سراح الرهينة الإسرائيلي-الأمريكي عيدان ألكسندر، وهو آخر من تبقى على قيد الحياة ممن يحملون الجنسية الأمريكية، في تجاوز واضح لقنوات الاتصال الإسرائيلية.

وتعزز هذا المسار غير التقليدي من الوساطة من خلال جهود الفلسطيني-الأمريكي بشارة بحبح، حيث سعى للتوسط نيابة عن ويتكوف لعرض مبادرة جديدة على حماس، غير أن مسؤولاً إسرائيلياً كشف لاحقاً أن العرض الذي قدمه بحبح للحركة يختلف بشكل كبير عن المبادرات الأمريكية السابقة التي كانت تحظى بدعم تل أبيب، ما يزيد المشهد تعقيداً ويعمق الفجوة بين الأطراف المعنية.

سكاي نيوز