واشنطن بوست: خطة وقف إطلاق النار في غزة جاهزة منذ عام.. فمن عرقل التهدئة؟

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقال للكاتب الأميركي ديفيد إغناطيوس، حذر فيه من الأضرار الجسيمة التي يلحقها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالمدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء، نتيجة تأخيره المتواصل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وأكد "إغناطيوس"، أن مسار وقف الحرب كان واضحا منذ أكثر من عام، مذكرا بأن الأربعاء الماضي صادف مرور 600 يوم على بدء العدوان على غزة، في وقت تواجه فيه حكومة نتنياهو توبيخا غير مسبوق، ليس من أعدائها، بل من أقرب حلفائها العرب، وتحديدا دولة الإمارات.

كما لفت "إغناطيوس"، إلى أن أبو ظبي استدعت السفير الإسرائيلي لديها، احتجاجا على ما وصفته بالهجمات "المشينة والمسيئة" التي ينفذها متطرفون يهود، معلقا بأن هذه الخطوة تعكس مدى العزلة التي تعاني منها حكومة نتنياهو، لاسيما أن أول دولة عربية وقعت على اتفاق تطبيع باتت تبدي علنا سخطها من سياساته.

غضب عالمي متزايد

وأوضح "إغناطيوس"، أن الشرارة التي فجرت الغضب الدبلوماسي الإماراتي تمثلت في اعتداء متطرفين إسرائيليين على الفلسطينيين في باحة المسجد الأقصى، مرددين شعارات عدوانية. 

وأضاف "إغناطيوس"، أن المجتمع الدولي بدأ يفقد صبره إزاء استمرار هذه الحرب، فقد أدانت دول كبرى مثل بريطانيا وفرنسا وكندا الأسبوع الماضي ما وصفته بـ"الأعمال الفظيعة" التي ارتكبتها إسرائيل في هجومها العسكري المتجدد.

وأشار "إغناطيوس"، إلى أن الأمم المتحدة ندّدت بدورها باستيلاء إسرائيل على توزيع المساعدات الإنسانية، واعتبرت ذلك "إهانة لكرامة" الفلسطينيين.

وشدد "إغناطيوس"، على أن الانتقادات داخل إسرائيل نفسها تتصاعد بشدة، إذ اتهم رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت حكومة نتنياهو بارتكاب "جرائم حرب"، مؤكدا أنها تخوض حربا بلا مسار واضح أو أمل في النجاح.

تحذير من البيت الأبيض

وفيما يخص العلاقات مع الولايات المتحدة، فقد نوه "إغناطيوس"، إلى أن أخطر مشاكل نتنياهو قد تكون داخل البيت الأبيض، حيث عبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن انزعاجه من استمرار القتال، وصرّح صراحة بأنه حذر نتنياهو من تنفيذ أي ضربة محتملة ضد إيران، تزامنا مع محاولات أميركية للتفاوض حول برنامجها النووي.

وعلى الرغم من التحديات الأمنية التي تواجهها إسرائيل من حماس وإيران، فإن الكاتب شدد على أن ذلك لا يعفيها من التزامها بوقف الحرب، حرصا على أرواح المدنيين الفلسطينيين، بحسب تعبيره.

فرص ضائعة

وفي السياق ذاته، تحدث "إغناطيوس"، بأسف عن أن قادة الجيش الإسرائيلي ومسؤولي استخباراته كانوا مستعدين للتوصل إلى تسوية قبل عام، بالتعاون مع واشنطن وأبو ظبي، تقوم على إنشاء "فقاعات" أمنية تبدأ من شمال غزة، تدعمها قوات دولية بمشاركة أوروبية وعربية. 

وكان من المقرر أن تتولى حكومة فلسطينية إدارة القطاع بدلا من حماس، ضمن خارطة طريق أعدّها مسؤولون، تتضمن تدريب قوات أمن فلسطينية بديلة.

واعتبر "إغناطيوس"، أن هذا الحل كان "ضربة سهلة"، كما يُقال في لعبة الغولف، غير أن نتنياهو رفضه، تحت ضغط شركائه اليمينيين الذين طالبوا بـ"نصر شامل"، دون تقديم أي تصور حقيقي لمعنى ذلك.

كما أكد "إغناطيوس"، أن السعودية والإمارات، اللتين كانتا قد وافقتا على دعم الخطة أمنيا وماليا، سئمتا من الانتظار، خاصة بعد أن أُحبط المشروع عند تولّي ترامب الرئاسة وتصريحاته بشأن ترحيل الفلسطينيين قسريا، وهو ما أجهض الفكرة تماما.

رهان على القوة والفشل السياسي

وشدد "إغناطيوس"، على أن نتنياهو لم يجد سبيلا للتعامل مع المأزق إلا من خلال القوة العسكرية. 

وفي مارس الماضي، خرق وقف إطلاق النار، وهو ما أتاح، وفق الكاتب، لحركة حماس الظهور إعلاميا خلال عمليات تسليم الأسرى.

وأكد  "إغناطيوس"، أن النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي قد يكون معقّدا ومستعصيا، إلا أن وقف هذه الحرب لم يكن كذلك. وقد واصل الجيش الإسرائيلي إعداد خطط "اليوم التالي" وتحسين تفاصيلها، لكن لم يلقَ دعما سياسيا من نتنياهو.

وفي هذا الصدد، نقل "إغناطيوس"، عن روبرت ساتلوف، مدير معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، قوله إن طريق الخروج من الحرب كان واضحا دوما، من خلال تعاون فلسطيني-عربي ضمن مظلة السلطة الفلسطينية، رغم التعقيدات والغموض في التفاصيل. إلا أن هذا السيناريو، رغم فوضويته، كان كفيلا بإطلاق عملية إعادة الإعمار.

صراع ينهك الجميع

وأفاد "إغناطيوس"، بأن هذه الحرب، إلى جانب ما خلفته من مآسٍ إنسانية ودمار واسع بين الفلسطينيين، قد ألحقت ضررا عميقا بإسرائيل، ليس على مستوى سمعتها فحسب، بل على مستوى وجودها السياسي أيضا. 

واعتبر أن هذا النوع من النزاعات، حين يستمر طويلا، ينقلب على أصحابه ويقوّض حتى أقوى الدول.

وفي ختام مقاله، عبر "إغناطيوس"، عن أمله في أن يقود الحل دبلوماسيون أو حتى رجال أعمال مثل ترامب أو مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف، معتبرا أن شروط التسوية كانت معروفة منذ عام، وحان الوقت لإبرام الاتفاق وإنهاء مأساة غزة.

عربي 21