شهدت محافظة الإسكندرية شمالي مصر، ليلة الجمعة وحتى صباح السبت، عاصفة جوية غير مسبوقة أثارت حالة من القلق والمخاوف في أوساط السكان، خاصة في ظل التحذيرات المتكررة بشأن تأثيرات التغير المناخي، والتقارير السابقة التي تحدثت عن احتمالات غرق سواحل المدينة.
حالة تأهب صحية ومناخية
وفي هذا الإطار، قررت وزارة الصحة المصرية، اليوم السبت، رفع درجة التأهب والاستعداد في مختلف منشآتها، بعد تعرض الإسكندرية لحالة من التقلبات الجوية والعواصف القوية.
وأوضحت إيمان شاكر، مدير مركز الاستشعار عن بعد بالهيئة العامة للأرصاد الجوية، إن الهيئة أصدرت تحذيرًا مسبقًا قبل بداية العاصفة، نبهت فيه إلى احتمالية سقوط أمطار خفيفة إلى متوسطة، تكون رعدية أحيانًا، على السواحل الشمالية الغربية، ومن ضمنها مرسى مطروح والإسكندرية، وصولًا إلى بعض مناطق الوجه البحري مثل كفر الشيخ والبحيرة.
وتابعت "شاكر"، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الهيئة قامت بالتواصل مع غرفة الأزمات بمحافظة الإسكندرية، وشركة مياه الشرب والصرف الصحي، وكذلك مع غرفة الأزمات والكوارث التابعة لمجلس الوزراء، وتم الإعلان عن التحذير عبر الصفحة الرسمية للهيئة بمواقع التواصل الاجتماعي.
أمطار رعدية ورياح عنيفة
كما أشارت "شاكر"، إلى أن الأمطار بدأت تتساقط على مدينة الإسكندرية في حوالي الساعة الثانية صباحًا، واستمرت لمدة تتراوح بين نصف ساعة و45 دقيقة، وكانت متفاوتة الشدة، حيث تراوحت بين خفيفة ومتوسطة وغزيرة في بعض المناطق.
واستطردت "شاكر"، أن السحب الرعدية أدت إلى تساقط حبات البَرَد، وهو ما يُعزى إلى الارتفاع في درجات الحرارة بنهاية فصل الربيع وبداية موسم الصيف، حيث يؤدي هذا التسخين إلى تكثيف السحب وازدياد حدتها، وبالتالي تشكل البَرَد المصاحب للأمطار الرعدية.
وفي السياق ذاته، أوضحت "شاكر"، أن هذا النوع من الظواهر ينتج عن الفارق الكبير في درجات الحرارة بين سطح الأرض وطبقات الجو العليا، مضيفة أن تلك السحب تتسبب أيضًا في رياح هابطة شديدة السرعة تراوحت ما بين 60 و70 كيلومترًا في الساعة، وهو ما أدى إلى وقوع أضرار مادية في المدينة، منها سقوط شرفات متهالكة، وانهيار أعمدة إنارة ولوحات إعلانية، علاوة على تضرر بعض السيارات وغيرها من الممتلكات.
التغير المناخي عامل رئيسي
وشددت "شاكر"، على أن ما شهدته المدينة هو نتيجة واضحة للتغير المناخي، إذ تسبب في تضاعف حدة الظواهر الجوية رغم قصر مدتها الزمنية، قائلة: "رأينا كيف أن نصف ساعة فقط كانت كافية لإحداث خسائر مادية جسيمة، دون أن تسفر عن وفيات أو إصابات بشرية".
وأكدت "شاكر"، أن مثل هذه الظواهر يمكن أن تؤدي إلى خسائر في الأرواح إذا ما طالت مدتها الزمنية، معتبرة أن حدوث هذا النوع من العواصف في شهر مايو يعد أمرًا غير معتاد، ويعكس بوضوح التأثير العميق للتغير المناخي في توقيت وشدة الظواهر الجوية.
كما لفتت "شاكر"، إلى أن رفع حالة التأهب في القطاع الصحي هدفه الأساسي هو الحيلولة دون وقوع أي خسائر بشرية، مطمئنة المواطنين بأن الأمطار المتوقعة خلال الساعات المقبلة ستكون أقل حدة.
غرق الإسكندرية.. مخاوف قديمة تتجدد
وفيما يخص القلق المتجدد بشأن احتمالات غرق شواطئ الإسكندرية، أوضحت شاكر أن ما جرى مؤخرًا لا علاقة له بارتفاع منسوب سطح البحر، لافتة إلى أن هذه الظاهرة تتوقع مستقبلاً ابتداءً من عام 2050.
ونوهت "شاكر"، إلى أن هناك دراسة نشرت في فبراير الماضي بمجلة "إرث فيوتشر"، بدعم من جامعة كاليفورنيا ووكالة ناسا، وبمشاركة باحثين عرب وأجانب.
كما أردفت "شاكر"، أن المدينة شهدت أكثر من 280 حالة انهيار لمبانٍ ساحلية خلال العشرين عامًا الماضية، وذلك بسبب تراجع الخط الساحلي وهبوط التربة، علاوة على تسرب مياه البحر إلى المياه الجوفية، ما يؤدي إلى ارتفاع منسوبها وتآكل الأسس التي تقوم عليها المباني.
وأوضحت "شاكر"، أن ارتفاع حرارة الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية عن المعدل سيساهم في تسريع وتيرة ذوبان الجليد، وبالتالي ارتفاع منسوب المياه في البحار والمحيطات، ما يؤدي إلى تآكل الشواطئ المنخفضة مثل تلك التي تحيط بمدينة الإسكندرية، لكنها شددت على أن العاصفة الأخيرة لا تندرج ضمن هذه الظواهر المستقبلية.