تستمر حكومة الاحتلال الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو وحاشيته من المتطرفين العنصريين، في اتخاذ قرارات ذات طابع فاشي تستهدف تصفية الوجود الفلسطيني في مختلف المناطق، بما في ذلك الفلسطينيون الذين يصرون على البقاء فوق أرضهم في ما يعرف بأراضي الـ48، والذين يتجاوز عددهم حاجز المليونين.
تحريض مباشر ضد الأذان
وفي هذا الإطار، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، يوم الأحد، أن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير دعا قادة ألوية شرطة الاحتلال إلى اجتماع خاص في مكتبه، وطالبهم بتنفيذ "إجراءات صارمة" تهدف إلى منع رفع الأذان في مساجد البلدات العربية داخل الخط الأخضر، وهي خطوة وصفتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بأنها "تصعيد خطير واستفزاز سافر لمشاعر المسلمين".
غضب وتوبيخ في أروقة الشرطة
ووفقًا لما ذكرته صحيفة "هآرتس" العبرية، فإن بن غفير أبدى امتعاضه الشديد من أداء قادة الشرطة خلال الاجتماع الذي عقد قبل نحو عشرة أيام، متهماً بعضهم بالتقاعس عن تنفيذ توجهاته، وبنبرة تحذيرية، قال: "لقد قمت بتعيينكم في هذه المناصب لتنفيذ سياساتي، لكن البعض منكم لا يقوم بواجبه كما ينبغي".
كما وصف "بن غفير" صوت الأذان بأنه "ضجيج"، مضيفًا أن هذه "الظاهرة" يجب التعامل معها، مستندًا إلى شكاوى قدمها يهود، على حدّ زعمه، داعياً إلى احترام تلك الشكاوى.
وثمن "بن غفير"، في حديثه، على قائد الشرطة في المنطقة الوسطى، يائير هزروني، الذي شرع بفرض غرامات مالية مرتفعة على المساجد.
حماس تحذر من التصعيد
ومن جهتها، أصدرت حركة "حماس" بيانًا حذرت فيه من العواقب الخطيرة لتلك التوجيهات، مؤكدة أنها تمثل تصعيدًا بالغ الخطورة، واستفزازًا واضحًا لمشاعر المسلمين في كافة أنحاء العالم.
كما اعتبرت "حماس"، أن هذه التوجيهات جزءًا من سلسلة انتهاكات تطال المقدسات الإسلامية دون استثناء.
ولفتت "حماس"، إلى أن هذه الخطوات تندرج ضمن ما وصفته بـ"الحرب الدينية الغاشمة" التي تستهدف الشعائر الدينية والمقدسات، مشددة على أن القوانين والمواثيق الدولية تكفل حماية هذه المواقع والحقوق الدينية والتاريخية للشعوب.
تجاوزات قانونية
وفي سياق متصل، أوضحت صحيفة "هآرتس"، أن توجيهات بن غفير تتناقض مع وثيقة المبادئ التي وقعها مع المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهاراف-ميارا، والتي تنص بوضوح على أنه لا يحق له إصدار تعليمات مباشرة أو غير مباشرة تؤثر في قرارات الشرطة التشغيلية أو سلطاتها التقديرية.
ووفقًا لما ذكرته "الصحيفة العبرية"، نقلًا عن مصادر في الشرطة، فإن بعض الضباط أبدوا قلقهم من أن الإصرار على فرض الغرامات على المساجد قد يشعل موجة توتر جديدة في المدن والبلدات العربية.
كما لوحظ غياب مفوض الشرطة، داني ليفي، عن الاجتماع، وهو أمر غير معتاد في مثل هذه اللقاءات الحساسة، ما يعكس على الأرجح وجود توتر بينه وبين الوزير بن غفير.
تبريرات رسمية
وفي المقابل، رد مكتب الوزير على الانتقادات التي وُجهت له، زاعمًا بأن الاجتماع كان جزءًا من متابعة استفسار قدمه أحد أعضاء الكنيست، اتهم فيه الشرطة بالتقاعس عن التعامل مع "الضوضاء الصادرة عن المساجد"، وأن الوزير كان يباشر مهامه في التحقق من تنفيذ القانون، ضمن صلاحياته الوزارية، موضحًا أن حضور مفوض الشرطة لاجتماعات من هذا النوع يبقى اختياريًا.
بن غفير تجسيد للصهيونية الحديثة
وفي السياق ذاته، كتب المحلل والكاتب الإسرائيلي التقدمي غدعون ليفي في صحيفة هآرتس، أن إيتمار بن غفير، زعيم حزب "القوة اليهودية"، يعتبر تجسيدًا حقيقيًا للصهيونية في شكلها الفج والمتطرف.
وشدد "ليفي"، على أن "بن غفير ربما يعتبر تمثيلاً فظًّا لهذه الفكرة، لكنه لا ينفصل عنها"، لافتًا إلى أن مواقفه المتشددة تعكس الجوهر الحقيقي للصهيونية.
وأردف "ليفي"، قائلًا: "حين يطالب بن غفير بطرد العرب، ويهتف للموت للإرهابيين، ويدعو للتفوق اليهودي، ويؤيد تهجير الفلسطينيين، فإنه يعبر عن عمق الفكر الصهيوني".
كما أكد "ليفي"، أن المسافة بين دافيد بن غوريون وبن غفير أقصر مما يشاع، بل أقصر مما نتخيل، لافتًا إلى أن "صهيونية عام 2025 هي بن غفير".
تطهير عرقي بلغة واحدة
وفي ختام مقاله، تسأل "ليفي": "هل هناك في بن غفير ما لا يمت إلى الصهيونية بصلة؟".
ونوه "ليفي"، إلى أن الحركة الصهيونية منذ نشأتها في بدايات القرن العشرين، كانت تتحدث وتتصرف بذات اللغة التي يستخدمها بن غفير اليوم، حتى قبل الهولوكوست، حيث طالبت بإقصاء العمال الفلسطينيين وإحلال اليهود مكانهم.
وأفاد "ليفي"، بأن بن غوريون، حين أمر أو سكت عن التطهير العرقي في مساحات شاسعة من البلاد، وحين لم يترك يغآل ألون على أي قرية فلسطينية قائمة بين يافا وغزة، كان يفكر بذات منطق بن غفير، قائلًا: "النكبة هي الصهيونية، والنكبة هي بن غفير".