الجارديان تفضح استراتيجية قصف إسرائيلية ممنهجة تحول الملاجئ إلى مقابر جماعية في غزة

قصف المدارس
قصف المدارس

كشفت صحيفة الجارديان البريطانية، في تقرير استقصائي جديد، أن سلسلة الغارات الجوية القاتلة التي استهدفت مباني مدرسية كانت تؤوي نازحين في قطاع غزة، لم تكن عشوائية أو عرضية، بل جاءت ضمن استراتيجية عسكرية إسرائيلية مخططة ومدروسة بعناية وسط توسيع دائرة الأهداف لتشمل المزيد من المدارس.

ووفقًا لما نقلته الصحيفة عن مصادر مطلعة، فإن ما لا يقل عن ستة مباني مدرسية تم قصفها خلال الأشهر الأخيرة، وأسفر ذلك عن استشهاد أكثر من 120 فلسطينيًا معظمهم من المدنيين الذين لجأوا إلى تلك المدارس هربًا من القصف المستمر. 

مشاهد مروعة

وتمثل هذه الضربات جزءًا من نهج جديد اعتمدته قيادة جيش الاحتلال، يتمثل في تخفيف القيود المفروضة على العمليات العسكرية في المناطق المدنية، خاصة تلك التي يعتقد أن نشطاء من حركة "حماس" يتحصنون فيها.

اقرأ أيضًا:

وفي تطور جديد، قصفت طائرات الاحتلال، يوم الإثنين الماضي، مدرسة في مدينة دير البلح وسط القطاع، كانت قد تحولت إلى ملجأ للنازحين، ما أسفر عن استشهاد أربعة أشخاص على الأقل. 

وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مشاهد مروعة من موقع القصف، يعتقد أنه مدرسة العائشة، تظهر فيه الدمار الشامل والضحايا تحت الأنقاض.

وفي الوقت الذي لم يقدم فيه جيش الاحتلال أي دليل مادي أو بصري يثبت ادعاءاته، أعلن رسميًا أنه استهدف موقعًا يستخدمه الإرهابيون، زاعمًا اتخاذ إجراءات لتقليل الضرر المدني، وهو ما تنفيه الوقائع الميدانية المتكررة.

مواقع مرشحة للاستهداف

وبحسب مصادر عسكرية إسرائيلية نقلت عنها الجارديان، فقد تم إدراج عدد من المدارس الأخرى كمواقع مرشحة للاستهداف، من بينها أربع مدارس تقع في جباليا شمال قطاع غزة أو بمحيطها، ما يثير قلقًا بالغًا بشأن نوايا التصعيد تجاه البنى التحتية المدنية التي يستخدمها السكان كملاجئ.

ولم تحدد حتى الآن طبيعة الاستخدام الحالي لتلك المدارس، إلا أن مصدرين من القطاع أشارا إلى أن مدرستين من الأربع قد تعرضتا لأضرار جزئية في هجمات سابقة، ويذكر أن معظم هذه المنشآت التعليمية كانت قد فتحت لاستقبال آلاف العائلات التي فرت من بيوتها جرّاء التصعيد العسكري المستمر منذ أكتوبر 2023.

ووفقًا لأحدث تقارير الأمم المتحدة، فإن نحو 95% من مدارس غزة تضررت بفعل الحرب الإسرائيلية، في حين تم تصنيف حوالي 400 مدرسة بأنها تعرضت "لضربات مباشرة"، ما يعني تدميرها كليًا أو جزئيًا.

مجزرة مدرسة فهمي الجرجاوي 

وفي إحدى أكثر المجازر الموثقة دمويًا، قتل في غارة جوية إسرائيلية بتاريخ 25 مايو ما لا يقل عن 54 فلسطينيًا، بينما كانوا نائمين في مدرسة فهمي الجرجاوي التي كانت تؤوي عشرات العائلات. 

وذكر مسؤولون محليون في غزة لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC) أن بعض الجثث انتشلت وهي محترقة بالكامل، وبينها جثث أطفال كانوا نائمين داخل الفصول الدراسية.

من جانبه، زعم جيش الاحتلال أنه استهدف مركز قيادة تابعًا لحركتي حماس والجهاد الإسلامي كان يستخدم مبنى المدرسة "سابقًا"، وهو الادعاء الذي لا يجد ما يدعمه على الأرض، خاصة في ظل التحذيرات المتكررة من الأمم المتحدة بشأن استخدام المزاعم الأمنية لتبرير استهداف المدنيين.

وفي تصريح شديد اللهجة، قالت جولييت توما، مديرة الاتصالات في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، إن المدارس يجب أن تحمى في جميع الأحوال، ولا يجوز قصفها أو استغلالها لأغراض عسكرية. 

وأضافت: "للأسف، شهدنا على مدار العشرين شهرًا الماضية عمليات قصف متكررة للمدارس، هذا ليس مجرد انتهاك، بل خرق جسيم للقانون الدولي وحقوق الطفل".

الجزيرة