إسرائيل تسبق مؤتمر "حل الدولتين" بتكريس واقع ميداني ينسف فرص إقامة الدولة الفلسطينية

الضفة الغربية
الضفة الغربية

تتحرك إسرائيل بخطوات متسارعة على الأرض لتغيير معالم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي قبل انعقاد مؤتمر دولي مرتقب تنظمه الأمم المتحدة بالتعاون مع السعودية وفرنسا، بهدف مناقشة حل الدولتين.

وينظر إلى هذا التحرك الإسرائيلي على أنه محاولة لفرض أمر واقع جديد في الضفة الغربية وقطاع غزة يجهض أي مخرجات محتملة للمؤتمر، ويمنع أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

مؤتمر دولي بمشاركة واسعة

من المقرر أن يعقد المؤتمر بين 17 و20 يونيو الجاري، برعاية مشتركة سعودية وفرنسية تحت مظلة الأمم المتحدة، بهدف بحث مستقبل حل الدولتين في ظل انسداد الأفق السياسي واستمرار الاحتلال الإسرائيلي. 

اقرأ أيضًا:

وسوف ينتج عن المؤتمر وثيقة شاملة تعد بمثابة خريطة طريق لإقامة الدولة الفلسطينية، ويستند إلى عمل ثماني مجموعات متخصصة، كل منها تناول جانبًا من جوانب الصراع بما يشمل الأمن، الحدود، القدس، اللاجئين، والاقتصاد، وغيرها.

لكن في المقابل، تشهد الضفة الغربية وغزة تصعيدًا عسكريًا إسرائيليًا متزايدًا، يقرأ على نطاق واسع بأنه رسالة استباقية برفض أي صيغة تسوية قد تخرج من هذا المؤتمر، خاصة تلك التي تمس مشاريع التوسع الاستيطاني أو تهدف لإنهاء الاحتلال.

إسرائيل تتحرك

يرى الدكتور رياض العيلة، الخبير في الشأن السياسي، أن إسرائيل غير معنية أصلًا بمضمون هذا المؤتمر، وستعمل بكل ما أوتيت من أدوات سياسية وعسكرية لإفشاله. 

ويوضح أن إسرائيل ترى في إقامة دولة فلسطينية خطًا أحمر لا يمكن تجاوزه، وتعتبر أي تحرك دولي بهذا الاتجاه تهديدًا مباشرًا لمشروعها الاستيطاني والأيديولوجي.

وأكد العيلة أن إسرائيل، بدعم أمريكي مباشر، تسابق الزمن لخلق واقع جغرافي وسياسي جديد في الأراضي المحتلة، من خلال تكثيف عمليات القصف والهجمات على قطاع غزة، وتوسيع رقعة الاستيطان في الضفة الغربية، فضلاً عن عمليات الاقتحام والتهجير الممنهج، ولفت إلى أن ما يجري حاليًا هو محاولة لإعادة رسم حدود إسرائيل على حساب الأراضي الفلسطينية.

كما أشار إلى أن أي قرار سيصدر عن المؤتمر، حتى وإن كان داعمًا للفلسطينيين، لن يغير من هذا الواقع شيئًا، مشددًا على أن الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن كفيل بإجهاض أي قرارات تدين الاحتلال أو تطالب بانسحاب إسرائيلي.

الانقسام الفلسطيني

من جانبه، قال الخبير في الشؤون الإقليمية باسل منصور إن المؤتمر يمثل محاولة عربية جادة لتحريك الملف الفلسطيني دوليًا، لكنه رأى أن هذه المحاولة ستبقى ناقصة دون وحدة فلسطينية حقيقية، وشدد على أن استمرار حالة الانقسام بين الضفة وغزة يضعف الموقف الفلسطيني، ويعطي إسرائيل فرصة ذهبية لتقويض أي مبادرات سياسية.

وأكد منصور أن إسرائيل استبقت المؤتمر بخطوات أحادية الجانب، أبرزها ضم مساحات واسعة من الضفة الغربية فعليًا إلى سيادتها، وتعميق عزل قطاع غزة، الأمر الذي جعل الفلسطينيين أمام خيار مرير: الهجرة أو العيش تحت الاحتلال الدائم. 

وأضاف أن إسرائيل تسعى بوضوح إلى فصل الجغرافيا الفلسطينية إلى كيانات منفصلة وغير مترابطة، ما يقضي على فكرة الدولة الفلسطينية من أساسها.

مخرجات المؤتمر

ويرى منصور أن ما سيصدر عن المؤتمر سيكون مجرد توصيات وأوراق سياسية غير قابلة للتطبيق الفعلي، خاصة في ظل غياب إرادة دولية حقيقية لفرض حل على إسرائيل. 

وقال: "ستكون هناك محاولة لصياغة موقف دولي ضاغط على الاحتلال، لكن دون أدوات تنفيذ، خصوصًا مع وجود دعم مطلق من الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب لحكومة بنيامين نتنياهو".

وختم بالقول إن إسرائيل لن تكتفي برفض مخرجات المؤتمر، بل ستواصل بناء واقعها الاستيطاني وتفتيت المناطق الفلسطينية، مستفيدة من الغطاء السياسي الأمريكي والانقسام الفلسطيني، في ظل تراجع الاهتمام الدولي الفعال بحل القضية الفلسطينية.

إرم نيوز