في تطور مأساوي جديد يعكس تعقيدات الوضع الإنساني المتدهور في قطاع غزة، أعلنت مؤسسة "غزة الإنسانية" المدعومة من الولايات المتحدة أنها لن تقوم بتوزيع أي مساعدات غذائية اليوم الأربعاء، وذلك في أعقاب أحداث دامية شهدتها مواقع توزيع المعونات التابعة لها.
وأكد متحدث باسم المؤسسة أن القرار يأتي بالتزامن مع محادثات جارية تجريها المؤسسة مع الجيش الإسرائيلي بهدف تعزيز التدابير الأمنية في محيط مراكز التوزيع، بعد حادث إطلاق نار مروع وقع يوم الثلاثاء بالقرب من أحد مواقعها.
اقرأ أيضًا:
- محامون يفضحون نشاطات تجسس داخل مؤسسة "غزة الإنسانية".. التفاصيل الكاملة
- مصائد الطعام.. شهادات مروعة عن "مجازر الجائعين" في غزة: "ركضنا لنأكل فخرجت أحشاء أخي"
مجزرة توزيع المساعدات
الجيش الإسرائيلي بدوره أقر بأنه قام بإطلاق النار في محيط مركز لتوزيع المساعدات الغذائية، في واقعة أسفرت عن سقوط عدد كبير من الضحايا بين المدنيين الذين كانوا ينتظرون الحصول على المعونات.
ووفقًا لما أعلنته اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فقد قُتل في الحادث 27 شخصًا وأصيب أكثر من 150 آخرين، في واحدة من أكثر الحوادث دموية في سياق الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة.
وفي ضوء التصعيد، أطلق الجيش الإسرائيلي تحذيرات مباشرة لسكان قطاع غزة، مطالبًا إياهم بعدم التوجه إلى مراكز توزيع المساعدات التابعة لمؤسسة غزة الإنسانية خلال يوم الأربعاء، واصفًا الطرق المؤدية إلى تلك المواقع بأنها "مناطق قتال".
وأكد متحدث باسم الجيش عبر منصة "إكس"، أن التنقل في هذه الطرقات ممنوع تمامًا، كما أن الدخول إلى محيط مراكز التوزيع محظور بشكل صارم. وبرر المتحدث هذه الإجراءات بأنها تأتي في إطار "أعمال التحديث والتنظيم وتحسين الكفاءة" – وهي تبريرات أثارت تساؤلات واسعة حول توقيتها في ظل كارثة إنسانية.
إدانات دولية
على الصعيد الدولي، أدانت الأمم المتحدة ما حدث بأشد العبارات، مطالبة بفتح تحقيق عاجل وشامل في مقتل المدنيين أثناء محاولتهم الوصول إلى الغذاء.
وقال المتحدث باسم المنظمة، ستيفان دوجاريك، إن ما حدث "غير مقبول على الإطلاق"، مشددًا على أن المدنيين لا يجب أن يجبروا على تعريض حياتهم للخطر أو أن يقتلوا لمجرد أنهم يبحثون عن الطعام للبقاء على قيد الحياة.
وأضاف أن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، يجدد دعوته إلى فتح تحقيق فوري ومستقل في هذه الحوادث، مؤكدًا ضرورة محاسبة المسؤولين عنها أياً كانوا.
كما شدد دوجاريك على أن حماية المدنيين يجب أن تكون أولوية مطلقة في كل الأحوال، داعيًا إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية دون أية عوائق، خصوصًا في ظل الكارثة المتواصلة التي يعاني منها السكان المدنيون في قطاع غزة منذ شهور، في ظل نقص الغذاء والدواء والانهيار الكامل للبنية التحتية.