كل عام وحماس بخير

بقلم: ميسون كحيل

غدًا وقفة عرفة، ونفضل دائمًا تسميتها وقفة عرفات، إذ نتذكر دائمًا مع مناسك الحج والوقفة في عرفة الشهيد ياسر عرفات، لأن غزة كانت معشوقته وعشقه الذي لا ينتهي. ففي زمانه، وقبل نكسة تغييبه، كان أهل القطاع يشعرون بالأمن والأمان رغم المنغصات التي كان يحاول إخوة الشيطان نشرها والتأثير بها على أهل القطاع. ويُلام الرئيس عرفات لأنه لم يضع حدًا لأولئك الذين استوردوا الأفكار السيئة ونشروها في القطاع بثوب وطني، وصمت على تجاوزاتهم التي كانت تظهر أحيانًا بين الفينة والأخرى.

بعد رحيل عرفات، الذي ساهمت فيه أطراف عدة، جاء الرئيس محمود عباس، والذي أراه آخر رئيس للسلطة الفلسطينية في السنوات القادمة!! ولا يُعرف إذا كانت هناك ظروف تساعد على ظهور رئيس آخر، وقد يظهر على المقاس طولًا وعرضًا!

ونكرر: إنه بعد رحيل عرفات وقدوم عباس، بدأت تتلاشى غزة، القطاع والمدينة، تدريجيًا إلى أن حدثت الانتخابات المبيتة، ثم الانقسام المخطط، فنجح الاحتلال في مخططه، ثم بدأت مرحلة التضليل حتى بات الفلسطيني كمن يقف وسط البحر ولا يعلم بأي اتجاه عليه السباحة.

حكمت حماس القطاع بالحديد والنار. حكمت حماس القطاع دون أن تتحمل أدنى مسؤولية، واستمرت السلطة في الصرف على القطاع. حكمت حماس القطاع وهي تتلقى الدعم المالي من أطراف خارجية لها، حكمت حماس القطاع وهي تكبر على حساب القطاع وأهله. حكمت حماس القطاع بموافقة الاحتلال ودعمه، في سبيل وقف حالة الترابط الفلسطيني الجغرافي والشعبي، وإلغاء أو تأجيل طويل لفكرة الدولة الفلسطينية. وقد حقق الاحتلال مبتغاه في المرحلة الأولى من مخططه.

بعد ذلك، قرر الاحتلال الانتقال إلى المرحلة الثانية الأوسع، والتي تشمل القطاع والضفة ولبنان وسوريا، لضمان كامل لمن تبقى من دول الطوق، في حرب شاملة وواسعة يحقق فيها الاحتلال أهدافه المرسومة والمنظمة بإنهاء حماس وحزب الله والبعث السوري، مع تحديد شكل الضفة الجديدة، وضمان بعد ذلك حدود آمنة مع دول الطوق جميعًا، وضمن اتفاقات سلام قادمة لا محالة. لذا قررت إسرائيل افتعال الحرب التي يجب أن تكون بهذا الحجم، لذلك كان لا بد من أسباب بحجم يضمن أيضًا ردة فعل وتأييدًا دوليًا.

السؤال: ماذا بعد؟ والحرب طالت ولا تريد أن تنتهي؟ ستنتهي بالتأكيد، والمجهول: ماذا بعد أن تتوقف الحرب؟ فالصورة غير واضحة وقاتمة. فالقطاع سيدخل مرحلة أخرى مختلفة عن السابق، تطال شكله الجغرافي والديمغرافي والسكاني، وما هو مؤكد أن مغادرة آلاف الناس للقطاع حتمية، ضمن اتفاقات ستظهر معالمها تدريجيًا، وكما هو الحال في الضفة، التي بدأت تظهر فيها معالم جديدة من استقطاع أراضٍ وبناء وتشييد طرق جديدة تفصل بينها وبين الكيان المحتل بشكل كامل، ما سيؤدي إلى إنهاء فكرة الدولة لدى الفلسطينيين.

كل هذا وغيره كان سببه صراع الفلسطينيين بين بعضهم البعض على حكم بلاد سرقها الاحتلال، وهم يتصارعون وما زالوا يتصارعون! وأما حركة حماس، التي كانت السبب الأول والرئيسي في خسارة البلاد، والتي فضّلت نفسها عليها، خسرت نفسها أيضًا، ولم يتبقَّ لها سوى قبول الاحتلال لها مرة أخرى، إذا ما قرر الاستعانة بها من جديد. وبمناسبة عيد الأضحى، بعد أن ضحى الجميع بأهل قطاع غزة، وانتصار نتنياهو بمخططه، وكأنني أسمع لسان حاله يقول: شكرًا، وكل عام وحماس بخير.

كاتم الصوت: لا عودة لمن غادر، ولا عودة لمن سيغادر! والله أعلم.

كلام في سرك: كانت هناك فرص للخروج من هذه الحرب بطريقة مشرفة... رفضتم... كذبتم... والقادم بشكل استسلام. الناس فاهمة.

رسالة: صدق حاله!! المطبلين طايرين فيه!! والمنافقين واقفين معاه!! صدقوا، ما حد فيهم باقٍ. وفي النهاية، فإن الاحتلال سيقرر!! احتفظ بالأسماء

البوابة 24