في خطوة تنذر بتفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، أعلنت جمعية النقل الخاص والمقاولين العاملين مع المؤسسات الدولية عن تعليق شامل وفوري لنقل المساعدات الإنسانية عبر الشاحنات، وذلك اعتبارًا من صباح يوم الخميس الموافق 5 يونيو 2025، وحتى إشعار آخر.
وجاء هذا القرار الصادم حفاظًا على أرواح السائقين وسلامة المركبات والممتلكات، بعد تصاعد وتيرة الاعتداءات التي تستهدف قوافل الإغاثة بشكل غير مسبوق.
بيان عاجل
وفي بيان عاجل صدر عن الجمعية، دعت المجتمع الدولي، وهيئة الأمم المتحدة، وكافة الأطراف المعنية بملف الإغاثة إلى تحمّل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية، مطالبةً إياهم بتوفير الحماية الكاملة لسائقي الشاحنات وتأمين خطوط الإمداد الإغاثي التي تعد شريان حياة لمئات الآلاف من العائلات الفلسطينية في غزة.
وأعربت الجمعية عن أسفها العميق واستنكارها الشديد لما تعرّضت له قوافل المساعدات مساء الأربعاء الموافق 4 يونيو 2025، حيث تحولت مهمة إنسانية إلى مجزرة ميدانية، أدت إلى استشهاد أحد السائقين وإصابة ثلاثة آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، كما تعرضت عدد من الشاحنات لأضرار مادية جسيمة، أفضت إلى خروج عدد كبير منها عن الخدمة تمامًا.
كمائن مسلحة
ووفقًا للتفاصيل التي كشفتها الجمعية، فإن القافلة التي تم استهدافها كانت تضم نحو خمسين شاحنة، وانطلقت من معبر كرم أبو سالم، مرورًا بطريق الغلاف باتجاه بوابة كسوفيم، ثم تابعت رحلتها حتى منطقة دير البلح وسط القطاع.
غير أن القافلة وقعت في عدة كمائن مسلحة، نصبت بشكل منظم ومدروس من قبل مجموعات خارجة عن القانون، بدأت من منطقة "المزرعة" قرب تقاطع شارع الشهداء مع شارع صلاح الدين، وامتدت إلى مواقع متفرقة داخل دير البلح.
وشهدت هذه الاعتداءات إطلاق نار مباشر وكثيف على السائقين والشاحنات، مما أدى إلى استشهاد عدد من السائقين، وإصابة آخرين بجروح خطيرة، فضلاً عن خطف بعضهم، في مشهد مروع وصفته الجمعية بأنه يكشف عن حالة خطيرة من الانفلات الأمني والانهيار الأخلاقي.
وأكدت الجمعية أن هذه الجريمة ليست الأولى من نوعها، لكنها الأخطر ضمن سلسلة متصاعدة من الانتهاكات التي تعرقل بشكل متعمد وصول المساعدات الإنسانية إلى من هم في أمسّ الحاجة إليها، خصوصًا في ظل الظروف الإنسانية القاسية والمعاناة المتفاقمة التي يعيشها السكان في قطاع غزة جراء الحرب والحصار.
جريمة لا تغتفر
وفي سياق تحميل المسؤوليات، شددت الجمعية على أن استهداف السائقين ومركباتهم خلال قيامهم بمهام إنسانية ووطنية يعد جريمة لا تغتفر، وترى فيها محاولة واضحة لخدمة أجندات الاحتلال الرامية إلى تجويع سكان غزة وتكريس المأساة الإنسانية المستمرة منذ شهور طويلة.
وأوضحت الجمعية أنها تحمل الجهات الرسمية والأمنية والشرعية في القطاع المسؤولية الكاملة عن هذا الانفلات، مطالبةً بضبط الأمن الداخلي وملاحقة الجناة المتورطين في هذه الجرائم المنظمة، وتقديمهم إلى العدالة دون أي تسويف أو تراخٍ.
وختمت الجمعية بيانها بالتشديد على أن حماية المساعدات الإغاثية هي مسؤولية وطنية ودولية جماعية، واصفةً هذه المساعدات بأنها الرمق الأخير لعشرات الآلاف من العائلات التي تعاني الفقر والجوع وفقدان المأوى، وأي تهديد لسلامة هذه القوافل يعني بالضرورة تعميق الكارثة الإنسانية، وتهديد حياة المدنيين الأبرياء الذين لا يملكون أي بديل آخر.