في تطور جديد ينذر بتصعيد محتمل في مياه البحر الأبيض المتوسط، لمحت إسرائيل إلى أنها قد تتخذ إجراءات صارمة لوقف سفينة مساعدات إنسانية تحمل على متنها الناشطة البيئية العالمية غريتا ثونبرغ وعدداً من النشطاء الدوليين، إذا واصلت رحلتها باتجاه قطاع غزة، الذي يرزح تحت حصار مشدد منذ سنوات، وفاقمه العدوان الإسرائيلي المستمر منذ أكتوبر الماضي.
ووفق ما نقلته صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية عن مصادر عسكرية، فإن السلطات الإسرائيلية تستعد لإرسال تحذير مباشر إلى ركاب السفينة "مادلين"، التي يقودها تحالف "أسطول الحرية"، تطالبهم بعدم الاقتراب من المياه الإقليمية لغزة، مع تأكيد أن أي تجاهل للتعليمات سيعرض الركاب لخطر الاعتراض والاعتقال من قِبل البحرية الإسرائيلية.
تحرك سفينة مادلين
وقد انطلقت سفينة "مادلين" يوم الأحد من ميناء كاتانيا في جزيرة صقلية الإيطالية، وعلى متنها 12 ناشطاً دولياً، بينهم السويدية الشابة غريتا ثونبرغ (22 عاماً)، في مهمة رمزية تهدف إلى إيصال كمية محدودة من المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة، في خطوة تحمل رسالة سياسية وإنسانية في وجه الحصار، أكثر من كونها شحنة إغاثية ذات وزن ميداني كبير.
وفي أول تصريح رسمي من الجانب الإسرائيلي، صرحت العميد إفي إدفرين، المتحدثة باسم الجيش الإسرائيلي، أن المؤسسة العسكرية على أهبة الاستعداد للتعامل مع هذا الملف، مضيفة: "لقد راكمنا خبرة في مثل هذه الحالات خلال السنوات الأخيرة"، في إشارة واضحة إلى استعداد البحرية لاعتراض السفينة قبل اقترابها من الشواطئ الفلسطينية.
هذا الموقف الإسرائيلي يعيد إلى الأذهان حادثة "مافي مرمرة" الدامية عام 2010، حين اقتحمت قوات الكوماندوز الإسرائيلية سفينة تركية كانت ضمن "أسطول الحرية"، وأدى ذلك إلى استشهاد تسعة نشطاء أتراك، في واقعة أثارت آنذاك موجة من التنديد الدولي وخلّفت أزمة دبلوماسية بين أنقرة وتل أبيب.
التزام أخلاقي
من جهتها، أكدت الناشطة غريتا ثونبرغ خلال مؤتمر صحفي قبيل مغادرتها صقلية، أن هذه الرحلة تمثل التزامًا أخلاقيًا وإنسانيًا تجاه شعب غزة. وقالت: "نحن نقوم بهذه الرحلة لأننا نؤمن بأنه لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي، اللحظة التي نتوقف فيها عن المحاولة، هي اللحظة التي نفقد فيها إنسانيتنا".
وأضافت في تصريح جريء: "خطورة هذه المهمة لا تقارن بخطورة صمت العالم في وجه الإبادة الجماعية التي يتعرض لها المدنيون في غزة"، وتأتي هذه التصريحات في سياق سلسلة من المواقف القوية التي تبنتها ثونبرغ منذ بدء الحرب، حيث انتقدت بشدة صمت الحكومات الغربية وتقاعسها عن وقف نزيف الدم الفلسطيني، في ظل تقارير أممية تؤكد مقتل عشرات الآلاف من المدنيين منذ بداية العدوان الإسرائيلي في أكتوبر الماضي.
وتجدر الإشارة إلى أن سفينة "مادلين" ليست المحاولة الأولى من نوعها، إذ سبقتها في مايو الماضي السفينة "كونشايسنغ"، التي كانت ضمن نفس التحالف، وتعرضت لهجوم بطائرتين مسيرتين في المياه الدولية قبالة سواحل مالطا، دون أن تتبنّى أي جهة المسؤولية عن ذلك الهجوم.
ترقب دولي
ووفق ما نقلته قناة الجزيرة، فإن "مادلين" قطعت حتى الآن أكثر من 381 ميلاً بحرياً، في طريقها إلى القطاع الساحلي المحاصر، وسط ترقب دولي لما ستؤول إليه الأمور، خاصة في ظل التهديدات الإسرائيلية، والتصميم الظاهر من قبل النشطاء على إتمام رحلتهم رغم المخاطر.
ويبقى مصير السفينة "مادلين" والنشطاء على متنها مفتوحًا على كافة الاحتمالات، وسط تحذيرات من أن أي تدخل عسكري إسرائيلي سيقابل بإدانة دولية جديدة، وقد يعيد ملف الحصار والمساعدات إلى واجهة النقاش العالمي، في وقت يشهد فيه القطاع أسوأ كارثة إنسانية منذ سنوات.