أثيرت موجة كبيرة من الغضب بين أعضاء مجلس الأمن الدولي، بعد أن استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة وفتح ممرات إنسانية بلا قيود، حيث بررت واشنطن هذه الخطوة بأن مشروع القرار يقوض الجهود الدبلوماسية الرامية إلى حل النزاع في المنطقة.
ردود فعل حادة من أعضاء المجلس
وفي هذا الإطار، انتقد السفير الباكستاني، عاصم افتخار أحمد، بشدة خطوة الفيتو الأمريكية، واصفًا إياها بأنها بمثابة "ضوء أخضر لإبادة الفلسطينيين في غزة"، مؤكدًا أن ذلك يمثل "وصمة عار أخلاقية في ضمير مجلس الأمن الدولي".
كما أعرب السفير الجزائري، عمار بن جامع، عن موقفه قائلاً: "الصمت لا يحمي الموتى، ولا يمسك بيد المحتضرين، ولا يواجه تداعيات الظلم".
من جهته، شدد السفير السلوفيني، صموئيل زبوغار، أن مشروع القرار جاء تعبيرًا عن شعور مشترك بالمسؤولية تجاه المدنيين في غزة والرهائن الإسرائيليين المحتجزين هناك، مضيفًا: "في ظل اختبار الإنسانية على الهواء مباشرة في غزة، نحن أمام مسؤولية تاريخية. كفى، كفى!".
كما أعرب سفراء كلًا من فرنسا وبريطانيا عن أسفهما نتيجة التصويت.
بينما وجه السفير الصيني، فو كونغ، اللوم مباشرة إلى الولايات المتحدة، داعيًا إياها إلى تجاوز الحسابات السياسية وتبني موقف عادل ومسؤول يخدم السلام.
تجدر الإشارة إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها الولايات المتحدة حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي منذ عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في 20 يناير.
ومن جهته، أكد مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، أن استخدام الولايات المتحدة الأمريكية حق "الفيتو" ضد مشروع القرار المتعلق بغزة في مجلس الأمن الدولي، كشف بوضوح من يلعب بأوراق الجيوسياسة ومن يسعى حقًا إلى إحلال السلام في المنطقة.
مجلس الأمن بين السلام والجيوسياسة
وعلق "نيبينزيا"، خلال جلسة مجلس الأمن الدولي على التصويت على مشروع القرار الخاص بغزة: "للأسف، فشل المجلس مرة أخرى في التوصل إلى تسوية مرضية لجميع أعضائه، ولم يعتمد حلاً قادرًا على إنقاذ قطاع غزة ومنطقة الشرق الأوسط بأكملها من الانزلاق نحو هاوية الفوضى".
كما لفت "نيبينزيا"، إلى أن أعضاء المجلس يمتلكون فرصة إضافية لرؤية الحقيقة؛ من هم من يرغبون فعليًا في تحقيق السلام في الشرق الأوسط، ومن يستمرون في ممارسة "الألعاب الجيوسياسية" التي تعيق التقدم.
فيتو أمريكي ضد وقف إطلاق النار
والجدير بالإشارة أن الولايات المتحدة، مساء الأربعاء، حق النقض (الفيتو) لعرقلة مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في غزة، ورفع القيود المفروضة على وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
لم يشمل مشروع القرار الذي جرى التصويت عليه في مجلس الأمن الدولي إدانة واضحة للهجوم الذي شنته حركة حماس في جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، كما أغفل النص مطلبين رئيسيين تطرحهما الولايات المتحدة، وهما ضرورة نزع سلاح حركة حماس وقيامها بالانسحاب من قطاع غزة.
أغلبية تؤيد رغم الغياب الأمريكي
ويشار إلى أن مشروع القرار قد حصل على تأييد 14 من أصل 15 دولة أعضاء في مجلس الأمن، بينما استخدمت الولايات المتحدة حق الفيتو ضده، ويصف القرار الوضع الإنساني في قطاع غزة بأنه "كارثي"، ويطالب إسرائيل برفع جميع القيود المفروضة على إيصال المساعدات إلى أكثر من 2.1 مليون فلسطيني في القطاع.
وتكرر موقف واشنطن استخدام حق الفيتو في نوفمبر الماضي، في عهد إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، بسبب ارتباط مطلب وقف إطلاق النار بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن الإسرائيليين، وهو شرط لم يتضمنه مشروع القرار.
ويتضمن مشروع القرار الحالي على المطالبة بالإفراج عن جميع الرهائن الذين اختطفتهم حماس وجماعات أخرى، لكنه لا يجعل ذلك شرطًا للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، كما يناشد بإعادة جميع الخدمات الإنسانية الأساسية وفقًا للمبادئ الإنسانية والقانون الدولي الإنساني وقرارات مجلس الأمن.
موقف إسرائيل الرسمي
وبدورها، أكدت البعثة الإسرائيلية لدى الأمم المتحدة أن السفير داني دانون، الذي سيخاطب المجلس بعد التصويت، سيشدد على أن هذا القرار يضعف جهود الإغاثة الإنسانية، ويتجاهل خطر حركة حماس التي لا تزال تعرض المدنيين في غزة للخطر، مشيرة إلى أن دانون سيؤكد أن مشروع القرار يغفل المفاوضات الجارية لوقف إطلاق النار.