أعلنت "مؤسسة غزة الإنسانية"، المدعومة من الولايات المتحدة، تأجيل إعادة فتح مراكزها لتوزيع المساعدات الغذائية في قطاع غزة، والتي كان من المقرر استئناف عملها مساء الأربعاء – الخميس، وذلك بعد أيام دامية شهدت مقتل عشرات المدنيين خلال محاولاتهم الوصول إلى تلك المراكز للحصول على الغذاء.
وفي بيان رسمي نشرته على صفحتها في فيسبوك، أوضحت المؤسسة أن قرار التأجيل يعود إلى "أعمال الصيانة والإصلاح"، مشيرة إلى أنها ستعلن لاحقًا عن مواعيد إعادة الافتتاح بمجرد الانتهاء من التجهيزات.
كما أكدت سعيها لتأمين عمليات التوزيع في ظل "الظروف المعقدة"، داعية المستفيدين إلى اتباع المسارات التي حددها الجيش الإسرائيلي لضمان سلامتهم.
يأتي هذا القرار عقب تحذيرات أطلقها الجيش الإسرائيلي أعلن فيها أن الطرقات المؤدية إلى مراكز توزيع المساعدات تعتبر "مناطق قتال"، ما يعني أن التحرك فيها يعرض المدنيين للخطر المباشر نتيجة العمليات العسكرية.
قصف وقتلى مدنيون
بالتزامن مع هذا التطور، أعلن الدفاع المدني في غزة استشهاد ما لا يقل عن 48 شخصاً جراء ضربات إسرائيلية استهدفت مناطق متفرقة في القطاع، من بينهم 14 مدنيًا سقطوا بالقرب من مدرسة تأوي نازحين في خان يونس.
كما وثق الدفاع المدني مجزرة أخرى وقعت يوم الثلاثاء، حين أطلقت القوات الإسرائيلية النار من دبابات وطائرات مسيّرة على آلاف المواطنين كانوا يتجمعون قرب دوار العلم في رفح أثناء توجههم إلى مركز توزيع مساعدات أميركي، ما أسفر عن استشهاد 27 شخصاً.
وقد ادعى الجيش الإسرائيلي أنه أطلق طلقات تحذيرية تجاه "مشتبه بهم" قرب المركز، موضحًا أن تحقيقًا لا يزال جارياً بشأن الحادثة.
في حادثة منفصلة، استشهد 31 مدنيًا وأصيب أكثر من 176 آخرين يوم الأحد، خلال محاولة لتوزيع المساعدات في رفح، بينما نفى الجيش الإسرائيلي إطلاق النار على المدنيين، ووصفت "مؤسسة غزة الإنسانية" ما حدث بأنه "حادث خالٍ من المشاكل".
انتقادات دولية واتهامات متبادلة
على الصعيد الدولي، أثارت هذه الأحداث موجة من التنديد والإدانة، حيث وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مقتل المدنيين أثناء سعيهم للحصول على الغذاء بأنه "أمر غير مقبول"، مطالبًا بـتحقيق مستقل وشفاف.
بدورها، دعت الحكومة البريطانية إلى فتح تحقيق فوري في هذه الجرائم، فيما قال منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، توم فليتشر، إن الصور التي توثق مقتل مدنيين عند مراكز التوزيع نتاج قرارات سياسية متعمدة حرمت الفلسطينيين من وسائل البقاء الأساسية.
أما البيت الأبيض، وعلى لسان المتحدثة باسمه، فأعلن أنه يراجع المعلومات المتعلقة بسقوط قتلى بالقرب من مركز توزيع في جنوب غزة، لكنه أبدى تحفظًا تجاه الروايات التي تصدرها حركة حماس، مشيرًا إلى عدم ثقة واشنطن الكاملة في دقة تلك التصريحات.
"فيتو" أميركي
وفي ضربة جديدة للجهود الدولية، فشل مجلس الأمن الدولي في تمرير مشروع قرار يدعو لوقف إطلاق النار في غزة والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية دون قيود، وذلك بعد استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو).
وبررت المندوبة الأميركية دوروثي شيا هذا الموقف بقولها إن النص المقترح "يقوض الجهود الدبلوماسية الحالية" ويصب في مصلحة حركة حماس، مما دفع واشنطن إلى إسقاطه حفاظًا على مسار المفاوضات.
"أسطول الحرية" يبحر نحو غزة
وفي محاولة جديدة لكسر الحصار، أبحرت سفينة تابعة لتحالف "أسطول الحرية" من صقلية نحو قطاع غزة، وعلى متنها 12 شخصًا، من بينهم الناشطة البيئية السويدية غريتا تونبرغ والنائبة الفرنسية ذات الأصول الفلسطينية ريما حسن، وتهدف هذه السفينة إلى إيصال مساعدات إنسانية إلى القطاع، إضافة إلى تسليط الضوء على معاناة السكان المحاصرين.
لكن الجيش الإسرائيلي سارع إلى إصدار بيان أعلن فيه استعداد قواته "للدفاع عن البلاد في جميع الجبهات"، بما في ذلك الساحل، في إشارة واضحة إلى احتمال اعتراض السفينة بالقوة.
من جهته، أدان تحالف أسطول الحرية هذه التهديدات واعتبرها انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، مشيرًا إلى أن السفينة تحمل "مدافعين عن حقوق الإنسان" وتعد ردًا مباشرًا على "الإبادة الجائعة" التي يتعرض لها سكان غزة في ظل استمرار الحصار.