حكومة نتنياهو على المحك.. هل تنجح المعارضة في حل الكنيست وإجراء انتخابات مبكرة؟

الكنيست الإسرائيلي
الكنيست الإسرائيلي

تشهد الساحة السياسية الإسرائيلية اضطرابًا متصاعدًا، في ظل تصاعد الأزمة المتعلقة بقانون إعفاء طائفة اليهود المتشددين (الحريديم) من الخدمة العسكرية، وهو الملف الذي فشل الائتلاف الحاكم بقيادة بنيامين نتنياهو في حسمه، مما دفع أحزاب المعارضة إلى التحرك لإسقاط الحكومة والدعوة لانتخابات مبكرة. 

وفي مقدمة هذه التحركات، قدم حزب "يش عتيد" (هناك مستقبل) المعارض، اقتراحًا رسميًا للتصويت على حل الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) في جلسة مرتقبة بتاريخ 11 يونيو الجاري، وهو تطور يعكس مدى هشاشة التوازن داخل الائتلاف اليميني الحاكم.

شرخ داخل الائتلاف

في قلب الأزمة يكمن قانون التجنيد، الذي يهدف إلى إعفاء طلاب المدارس الدينية من الخدمة العسكرية الإلزامية، وهو مطلب أساسي للأحزاب الدينية المتشددة المشاركة في الحكومة، ومع تعثر تمرير القانون، هددت قيادات الحريديم بالانسحاب من الائتلاف، وهو ما يضع حكومة نتنياهو أمام خطر الانهيار من الداخل.

وقد كشفت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن كبار الحاخامات أبلغوا ممثليهم في حزب "يهدوت هتوراه" أن عليهم مغادرة الحكومة فورًا، بسبب الفشل في تمرير القانون. كما أفادت تقارير إعلامية بأن الاجتماع الذي جمع مسؤولي الحزب برئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع، يولي إدلشتاين، فشل في التوصل إلى أي تفاهم، مما زاد من حالة الإحباط داخل أوساط الحريديم.

المعارضة تتحرك

في خضم هذه الأزمة، استغلت المعارضة الانقسام داخل الحكومة، حيث سارع حزب "يش عتيد" بزعامة يائير لابيد إلى تقديم مقترح للتصويت على حل الكنيست، ومن المتوقع أن يتم التصويت على المقترح يوم 11 يونيو، وإذا حصل على تأييد 61 نائبًا على الأقل من أصل 120، فسيتم حله، وتجرى انتخابات مبكرة خلال خمسة أشهر من تاريخ المصادقة النهائية عليه.

ويتطلب المقترح المرور بأربع جولات تصويت برلمانية ليصبح قانونًا ساريًا، مع إمكانية تسريع العملية وإتمامها في يوم واحد إذا تم التوافق السياسي، أو تأجيلها لأسابيع وشهور إذا ظلت الانقسامات قائمة.

ومع ذلك، فإن طرح مشروع القانون للتصويت مرتبط بتقدير المعارضة لحجم الدعم الذي يمكن تأمينه داخل البرلمان، إذ يمكن لحزب "يش عتيد" سحب المقترح في أي وقت قبل الجلسة المحددة، إذا شعر بأن فرص تمريره غير مضمونة.

تركيبة البرلمان واحتمالات الانهيار

الكنيست الإسرائيلي يتكون من 120 مقعدًا، وتتمتع الحكومة الحالية بقيادة نتنياهو بأغلبية تبلغ 68 مقعدًا، لكن أي انشقاق في صفوف الأحزاب الدينية، التي تشكل 18 مقعدًا (من خلال حزبي "شاس" و"يهدوت هتوراه")، قد يفقد الائتلاف أغلبيته، ويمنح المعارضة فرصة ذهبية لإسقاطه.

ويبدو أن حزب "ديجل هتوراه"، وهو أحد فصيلي "يهدوت هتوراه"، تلقى تعليمات مباشرة من المرجعيات الدينية بالانسحاب من الحكومة والعمل على حل الكنيست فورًا. 

وفي السياق ذاته، تحدثت تقارير عن تحرك موازي من الفصيل الثاني للحزب "أجودات يسرائيل"، بقيادة إسحاق جولدنوبف، لدفع مشروع قانون الحل بقوة داخل البرلمان.

لكن رغم هذه التهديدات، فإن القرار النهائي لدى الحريديم ليس محسومًا بعد، إذ أن بعضهم يخشى من فقدان المكاسب السياسية التي حصلوا عليها في ظل حكومة نتنياهو، وبالتالي، قد يقررون الانسحاب الرمزي من الحكومة مع الامتناع عن دعم مقترح حل الكنيست، مما يسمح ببقاء حكومة أقلية لفترة مؤقتة.

لعبة الأرقام

رغم أن المعارضة تقود حراكًا قويًا لحل البرلمان، فإنها بحاجة إلى تحالفات جديدة مع بعض مكونات الحكومة الحالية، فحزب "يهدوت هتوراه"، الذي يملك سبعة مقاعد فقط، لا يستطيع بمفرده إسقاط حكومة نتنياهو، ما لم يتعاون معه حزب "شاس" الذي يمتلك 11 مقعدًا، وإذا تحالفت هذه الأحزاب الدينية مع المعارضة، فإن ميزان القوى سينقلب لصالح خيار انتخابات مبكرة قبل موعدها المقرر في خريف 2026.

وفي المقابل، إذا بقي الحريديم إلى جانب نتنياهو، فقد يتمكن الأخير من تجاوز الأزمة مؤقتًا، على الرغم من تآكل الدعم الشعبي والتشريعي.

نتنياهو ينفي الأزمات

وسط هذا التصعيد الداخلي، نفى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وجود أي خلاف مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ووصف علاقته به بأنها "ممتازة"، في رد على تسريبات تحدثت عن توتر في العلاقة. 

لكن هذا النفي لم يخفي حقيقة أن حكومة نتنياهو تواجه أزمات داخلية متشابكة، وعلى رأسها ملف التجنيد، وتصاعد الخلافات بين مكونات الائتلاف، وتراجع ثقة الشارع الإسرائيلي في قدرة الحكومة على إدارة شؤون الدولة في ظل الحرب على غزة والتحديات الأمنية المتزايدة.

الشرق للأخبار