مقترح ويتكوف الجديد بضمانات ترامب.. هل ترى هدنة غزة النور بعد تدخل بحبح؟

مقترح ويتكوف
مقترح ويتكوف

شهدت الدوحة تحولات غير متوقعة في مسار المحادثات بين حركة "حماس" والإدارة الأميركية، حيث توصل الطرفان إلى مقترح جديد لوقف إطلاق النار، وسط تباينات في المواقف بشأن قبوله أو التحفظ عليه. 

وأكدت مصادر متطابقة أن هذه التطورات جاءت بفضل الدور اللافت الذي لعبه رجل الأعمال الفلسطيني-الأميركي بشارة بحبح، المقرب من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إلى جانب مبعوث الأخير إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف.

مقترح ويتكوف الجديد 

وبرز المقترح الجديد إلى الواجهة بعد أيام من تعثر مفاوضات الدوحة وسحب الوفد الإسرائيلي المفاوض نهاية الأسبوع الماضي، في خطوة فسرها محللون بأنها جاءت نتيجة تدخل بحبح، الذي سبق أن لعب دوراً حاسماً في التوسط لإطلاق سراح الرهينة الأميركي عيدان ألكسندر. 

اقرأ أيضًا :

ويرى الخبراء أن هذه المبادرة قد تفضي إلى هدنة مؤقتة بضمانات أميركية، شريطة أن تمارس واشنطن ضغطًا جديًا على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كجزء من صفقة قد تؤدي إلى إنهاء الحرب المستمرة في قطاع غزة.

وفي تطور لافت، نقلت قناة "الجزيرة" القطرية عن مصادر لم تسمها أن المباحثات الجارية بين "حماس" والمبعوث الأميركي في الدوحة أثمرت عن اتفاق مبدئي لوقف دائم لإطلاق النار في غزة. 

ووفقاً للمقترح، تتضمن الصيغة وقفاً لإطلاق النار لمدة ستين يوماً، مع الإفراج عن 10 أسرى إسرائيليين على دفعتين مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين وجثث، وتنص البنود على إطلاق خمسة أسرى إسرائيليين في اليوم الأول، والخمسة الآخرين في اليوم الستين من بدء تنفيذ الاتفاق.

كما يشمل المقترح انسحاباً إسرائيلياً تدريجياً استنادًا إلى اتفاق سابق وقع في يناير الماضي، ويقضي بأن يضمن ترمب بصفته الراعي لهذا الاتفاق استمرار الهدنة بعد انتهاء المدة الأولية، وذلك بإشراف دولي من الوسطاء المعنيين، أي الولايات المتحدة وقطر ومصر.

موقف إسرائيل وحماس

وأشارت القناة إلى أن المبعوث الأميركي ويتكوف نقل الصيغة الجديدة للحكومة الإسرائيلية وينتظر ردها الرسمي، وفي المقابل، ذكرت منصة "أكسيوس" الإخبارية الأميركية أن ويتكوف أكد موافقته على قيادة هذه الجهود، لكنه شدد على أن الكرة الآن في ملعب "حماس"، معتبراً أن الردود التي سمعها من الحركة حتى اللحظة كانت مخيبة للآمال وغير مقبولة.

ورغم تحفظات ويتكوف، أكد مسؤول فلسطيني قريب من "حماس"، أن الحركة وافقت على المقترح الأميركي الذي يتضمن انطلاق مفاوضات غير مباشرة تهدف إلى التوصل لوقف طويل الأمد لإطلاق النار.

وفي المقابل، نقلت "رويترز" عن مسؤول إسرائيلي – طلب عدم كشف اسمه – رفض حكومته المقترح، قائلاً: "لا يمكن لأي حكومة مسؤولة أن تقبل بمطالب حماس"، ويتعارض هذا التصريح مع تقارير أخرى من "أكسيوس"، التي أكدت أن إسرائيل وافقت مبدئيًا على البنود المقترحة.

تدخل بشارة بحبح

ورغم عدم صدور بيان رسمي حتى الآن من الدول الوسيطة (مصر، قطر، الولايات المتحدة) حول تفاصيل المقترح، تشير المصادر إلى أن هذه المحادثات جاءت نتيجة اجتماع سري عقده بحبح مع وفد من حماس في الدوحة الأحد الماضي، بعد يوم واحد من تأكيد صحيفة "يديعوت أحرونوت" استمرار اللقاءات بين واشنطن وممثلين عن الحركة.

ووصفت الخبيرة الأميركية المتخصصة في الشؤون الاستراتيجية، إيرينا تسوكرمان، ظهور بشارة بحبح المفاجئ في الدوحة بـ"الحدث غير المتوقع"، مشيرة إلى أن له علاقات قوية في كل من واشنطن وفلسطين، وقد نجح سابقاً في تسهيل إطلاق سراح الرهينة ألكسندر. 

وأكدت أن بحبح لا يمثل مجرد تكنوقراطي طموح، بل هو بمثابة قناة دبلوماسية خلفية منخفضة المخاطر وذات عائد عالٍ لواشنطن، وقد يشكل سابقة دبلوماسية قد تتكرر في المستقبل.

أما المحلل السياسي الفلسطيني سهيل دياب، فقد رجح أن ينجح بحبح في التوصل إلى صفقة جديدة، على غرار دوره في صفقة ألكسندر، خاصة في ظل حاجة نتنياهو لهدنة مؤقتة تخفف الضغط الأوروبي والانتقادات الداخلية، ويرى دياب أن "حماس" قد تقبل بالصيغة المقترحة نظراً للضمانات الأميركية المرافقة لها.

انفراجة قريبة

وعلى النقيض، عبر السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، عن تشككه من جدية نوايا نتنياهو، وقال إن التصعيد الإسرائيلي على الأرض لا يوحي بوجود نية حقيقية للوصول إلى اتفاق جاد، مشيراً إلى أن أي مقترحات غير جدية ستكون مضيعة للوقت، حتى وإن كان لبشارة بحبح دور فيها، وأضاف: "هناك من هم أقوى منه تدخّلوا من قبل، ولم ينجحوا".

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد صرح للصحافيين، الأحد، قبيل صعوده الطائرة الرئاسية، قائلاً: "أعتقد أننا قد نسمع أخباراً سارة فيما يتعلق بإيران، وكذلك مع حماس بشأن غزة"، ملمحًا إلى احتمال حدوث انفراجة قريبة في المفاوضات، وقال: "نرغب في وقف إطلاق النار، تحدثنا مع إسرائيل، ونريد إنهاء هذا الوضع برمّته".

يذكر أن المقترح الجديد هو ليس الأول من نوعه؛ فقد سبق لويتكوف أن طرح مبادرة مماثلة في مارس الماضي، وتكرر عرضها مجدداً في بداية محادثات الدوحة، لكن حماس رفضت الأولى، فيما انسحبت إسرائيل في الجولة الثانية من التفاوض، ملقية باللائمة على الحركة الفلسطينية.

وفي الختام، ترى المحللة إيرينا تسوكرمان أن التفاؤل الذي عبر عنه ترمب والحراك الجديد الذي يقوده بحبح، من شأنه أن يعزز فرص التوصل لاتفاق، لا سيما في ظل جهود الوسطاء الإقليميين. 

بينما يرى دياب أن موافقة حماس ستجبر واشنطن على فرض الاتفاق على إسرائيل، مما يفسح المجال لصفقة واقعية، أما رخا، فيرى أن استمرار التصعيد الإسرائيلي سيقوّض كل هذا التفاؤل، ويحول المقترحات إلى مجرد مناورة تفاوضية لا أكثر.

صحيفة الشرق الأوسط