بقلم ميسون كحيل
طالما وافقت جميع الأطراف على استفراد إسرائيل بهم واحدًا واحدًا وبشكل منفرد وتلك هي النتيجة، حيث إن غالبية الدول التي تحالفت وصمتت وشاهدت استهداف العراق، جاء دورهم تباعًا.
لا أستثني أحدًا، فقد اتضحت الصورة تمامًا، حيث إن ما حدث ويحدث ليس وليد الصدفة، بل ضمن مخطط تم صياغته بإحكام، كما لم يكن ضرب حزب الله في لبنان وإسقاط النظام السوري صدفة، ومن المؤكد أن المخطط كان يعتمد على حدث ما يمنح إسرائيل المبرر والانطلاق، وقد حصلت عليه في السابع من أكتوبر 2023. وهذا يأخذنا نحو حقيقة الطوفان الذي قامت به حماس ليكون طوفانًا على قطاع غزة، وقد تفرع عنه طوفان بدرجة أقل نحو الضفة، والحبل على الجرار، ثم الانطلاق الإسرائيلي نحو حزب الله، ومن ثم إسقاط بشار الأسد، والذي تم أيضًا بتوافق واتفاق أطراف تعدت الأطراف التي كانت تتواجد بالساحة، إذ إن لروسيا وتركيا دورًا هامًا أيضًا، وحسب مصالحهما في فرض نظام جديد في سوريا مدعوم أمريكيًا وعربيًا، رغم أنه لا يختلف عن نظام الأسد إلا في رغبة إعلان حالة سلام مع إسرائيل مستقبلًا لاستكمال اتفاقيات إبراهام لاحقًا.
وفي نظرة شاملة إلى ما يحدث الآن بعد توجيه ضربة إسرائيلية إلى إيران، فإن السيناريوهات المحتملة واضحة، وأهمها أن إيران الآن لا تمتلك خيارات كثيرة، خاصة وأنها تعلم بأنها غير قادرة على مواجهة إسرائيل عسكريًا، وعلى علم أيضًا أن الولايات المتحدة لن تسمح لها أن تذهب بعيدًا، ومشكلتها الكبرى أنها تواجه ثغرات واختراقات داخلية، حيث بات واضحًا أن الضربات الإسرائيلية الأخيرة قد اعتمدت بشكل واضح على النشاط الإسرائيلي على الأرض الإيرانية، وكما فعلت في اغتيال إسماعيل هنية. وهذا يؤكد بأن إيران تشبه إلى حد كبير واقعنا العربي، ولا تملك سوى التصريحات والكلام الفارغ، وعليها أن تتماشى مع المطالب الأمريكية الإسرائيلية حول المشروع النووي الإيراني، وإلا فإن نظامها سيسقط، ولأنه كغيرهولا يهمه سوى البقاء في الحكم، فحتما سيوافق أخيرًا على المطالب الأمريكية. وهنا لا بد من التنبيه إلى أن الأنظمة القمعية في إيران وسوريا والعراق وغيرها، كانت سببًا رئيسيًا في ما وصل إليه الحلم العربي في الشرق الأوسط، والذي أصبح حلمًا صهيونيًا بامتياز.
والسؤال: أين غزة الآن من هذه التطورات؟ فقد أصبحت في موقع آخر من الاهتمام، لأن الأهداف في غزة قد تحققت، وتثبيت هذه الأهداف يحتاج قليلًا من الوقت، ومع قبول إيران بوضعها الجديد قريبًا جدًا، ستنتصر إسرائيل بعد نجاح تكتيك الاستفراد لإتمام صفقة القرن.
كاتم الصوت: طوفان اتفاقيات إبراهام على الأبواب، واستكمال بقية التوقيعات اقتربت جدًا.
كلام في سرك: الاستفراد القادم، وبعد تثبيت الاحتلال لمتطلبات المرحلة القادمة، سيكون في فلسطين لتثبيت اتفاقيات إبراهام وترامب ونتنياهو.
رسالة: نجاح إسرائيل دائمًا يعتمد على أذرعها في كافة المناطق، شخوص وأحزاب ورجال دولة. احتفظ بالأسماء.