في تطور يعكس تعقيد المشهد الإقليمي وتداخل الملفات النووية والعسكرية، كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، اليوم الثلاثاء، أن القيادة الإيرانية، وعلى رأسها المرشد الأعلى علي خامنئي، فوجئت بحجم الضربات التي شنتها إسرائيل مؤخرًا، خصوصًا في وقت كانت إيران منخرطة في محادثات مع الولايات المتحدة بشأن العودة إلى الاتفاق النووي.
صدمة القيادة الإيرانية
بحسب التقرير، فإن خامنئي ومستشاريه الكبار لم يتوقعوا أن تقدم إسرائيل على هجمات واسعة بهذا التوقيت الحرج، حيث كانت إيران تعتقد أن المفاوضات النووية مع واشنطن تمثل عامل تهدئة، ويحول دون أي تصعيد مباشر.
لكن ما جرى على الأرض نسف هذا التصور، وأعاد طرح تساؤلات استراتيجية داخل دوائر صنع القرار الإيراني حول مدى جدية الطرف الأمريكي وحقيقة التنسيق بين واشنطن وتل أبيب.
خداع سياسي
وعبر وزير الخارجية الإيراني السابق عباس عراقجي، بحسب ما أوردته الصحيفة، في محادثات مغلقة مع دبلوماسيين عن خيبة أمل طهران من إدارة الرئيس دونالد ترامب، مشيرًا إلى أن الأخير والمبعوث الخاص الأمريكي جيسون ويتكوف "يتلاعبان بالإيرانيين"، ويوهمونهم بأن العودة إلى الاتفاق النووي كافية لردع إسرائيل عن مهاجمة المنشآت النووية.
وأكد عراقجي أن الإيرانيين يشعرون بأنهم تعرضوا للخديعة السياسية، خاصة وأن الخطاب الأمريكي في الغرف المغلقة لم يكن متسقًا مع المواقف المعلنة وهو ما خلق فجوة ثقة متزايدة بين الطرفين.
مطالب طهران الجديدة
وأشار التقرير إلى أن إيران بعثت برسائل أمس، تبدي من خلالها استعدادًا مشروطًا للعودة إلى طاولة التفاوض، ولكن ضمن شروط أكثر وضوحًا.
والشرط الأبرز – وفقًا لعراقجي – هو أن تعلن الولايات المتحدة وعلى لسان ترامب شخصيًا، إدانتها للهجمات الإسرائيلية على المنشآت النووية، وأن تسحب واشنطن نفسها صراحة من أي تصعيد عسكري ضد إيران، وذلك لإثبات حسن النية، واستعادة الحد الأدنى من الثقة المفقودة.
وشدد عراقجي في حديثه قائلًا: "الرسائل الخاصة لا تكفي، يجب أن تكون هناك إدانة علنية، وانسحاب أمريكي واضح من التصعيد، كي نتأكد أن هناك نوايا حقيقية للتهدئة".
وثيقة سرية
وفي تطور لافت، أفادت وول ستريت جورنال أن خامنئي تلقى قبل أربعة أشهر تقريرًا سريًا من كبار القادة الأمنيين الإيرانيين، يحذر من احتمال قيام إسرائيل بتنفيذ ضربات عسكرية على المنشآت النووية، بالتوازي مع تشديد أمريكي على سياسة العقوبات الاقتصادية.
والوثيقة، التي وصفت بأنها "تقييم استراتيجي شامل" تنبأت بإمكانية أن يتزامن التصعيد العسكري الإسرائيلي مع مسار تفاوضي مرن ظاهريًا من الجانب الأمريكي، في محاولة للضغط على إيران لإحداث تنازلات نوعية دون مقابل واضح.
ورغم التحذيرات السابقة، إلا أن القيادة الإيرانية – بحسب الصحيفة – فضلت المراهنة على المسار الدبلوماسي، ما جعل الضربة الإسرائيلية الأخيرة بمثابة صدمة استراتيجية أعادت حسابات طهران من جديد.
مبادرات أمريكية لاحتواء الأزمة
وفي السياق ذاته، كشفت شبكة CNN الأمريكية أن الرئيس ترامب أبلغ قادة مجموعة السبع G7 خلال اجتماعاتهم مؤخرًا، بأن هناك مناقشات بدأت بالفعل بشأن وقف إطلاق نار محتمل بين إسرائيل وإيران، وأنه يسعى لعقد لقاءات مباشرة هذا الأسبوع بين ممثلين من الولايات المتحدة وإيران.
ونقلت الشبكة عن مسؤول أمريكي قوله: "رغم أن الأمور لم تصل إلى اتفاق نهائي بعد، إلا أن الطرفين – إيران وإسرائيل – يسيران نحو تهدئة نسبية، وقد نشهد تطورات إيجابية خلال الأيام المقبلة".