في ظل استمرار سلسلة الغارات الإسرائيلية المتكررة، تؤكد التقارير المختلفة حتى الآن أن منشأة "فوردو" لتخصيب اليورانيوم لم تتعرض لأضرار جسيمة، فما السر وراء فشل تلك الهجمات في تحقيق هدفها الرئيسي؟
الغارات الإسرائيلية تصطدم بـ"القلعة الجبلية"
وتعرضت منشأة "فوردو"، كغيرها من المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية، لهجمات عنيفة منذ فجر الثالث عشر من يونيو، إلا أن إسرائيل – رغم نجاحها في اختراق الأجواء الإيرانية وتعطيل الدفاعات الجوية – عجزت عن الوصول إلى "فوردو" تحديدا، التي تمثل الهدف المحوري في الحملة.
ووفقًا لما ذكرته صحيفة التلغراف البريطانية، فإن المنشأة التي تجرى فيها عمليات تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، كانت الهدف الرئيسي للهجمات الجوية، ومع ذلك فإنها ظلت بمنأى عن التدمير.
كما صرح السفير الإسرائيلي في واشنطن، يحيئيل ليتر، بأن الخطة الإسرائيلية تستهدف إنهاء البرنامج النووي الإيراني بتدمير منشأة "فوردو"، لكن حتى هذه اللحظة لم يتحقق ذلك الهدف.
تحت الأرض.. خلف الجبال
والجدير بالإشارة أن مجمع "فوردو" يتموضع داخل منطقة جبلية، وتتركز مقراته الحيوية في أعماق باطن الأرض، وتحيط به أنظمة دفاع جوي متقدمة، وفق ما أوردته تقارير صحفية.
وفي السياق ذاته، وصف الخبراء "فوردو" للصحيفة البريطانية بأنه "حصن جبلي"، وهو بمثابة رمز للبرنامج النووي الإيراني برمته، وهذه الأهمية يؤكدها المبعوث الأميركي السابق لشؤون الشرق الأوسط، بريت ماكغورك، والذي خدم في إدارات أوباما وبايدن وترامب، لافتًا إلى أن فشل تدمير "فوردو" يفقد العملية الإسرائيلية معناها، ويجعلها غير مجدية.
إسرائيل لا تملك الوسيلة
وتعتقد "التلغراف"، أن إسرائيل لا تمتلك في ترسانتها القنابل أو الوسائل العسكرية القادرة على إلحاق ضرر حاسم بمنشأة "فوردو"، التي تحتاج إلى قنابل خارقة للتحصينات تحملها قاذفات استراتيجية لا تمتلكها سوى الولايات المتحدة.
ويشار إلى أن القنابل الخارقة التي بحوزة إسرائيل، والتي استخدمت في تدمير مواقع في غزة ولبنان، لا تملك القدرة على اختراق العمق الذي تقع فيه "فوردو".
"GBU-57A/B".. الحل الأميركي الوحيد
وتعد الوسيلة الوحيدة التي يمكنها توجيه ضربة مدمرة للمنشأة الإيرانية هي القنبلة الأميركية "GBU-57A/B"، والتي تزن 14 طناً، بينما يبلغ وزن رأسها الحربي حوالي طنين ونصف، وقادرة على اختراق الخرسانة المسلحة حتى عمق 61 متراً.
وفي سياق متصل، ترى "الصحيفة"، أن تدمير منشأة "فوردو" يبدو مستحيلاً في ظل القدرات الإسرائيلية الحالية، مما يضع الاحتمالات أمام أحد خيارين: إما استئناف المفاوضات النووية مع مرونة إيرانية، أو أن تتدخل الولايات المتحدة بنفسها وتنفذ ضربة مباشرة بواسطة قاذفة "بي–2 سبيريت" الشبحية، الوحيدة القادرة على إيصال القنبلة المطلوبة.
قنبلة "صائدة المخابئ"
وتشتهر القنبلة "GBU-57A/B" باسم "صائدة المخابئ"، وهي أقوى قنبلة تقليدية خارقة للتحصينات في الترسانة الأميركية.
ويزيد طول القنبلة قليلاً عن 6 أمتار، وقطرها 0.8 متر، وتضم متفجرات خاصة قليلة الحساسية ومناسبة للانفجار داخل المواقع المحصورة، وتحيط بها سبيكة فولاذية كثيفة تقاوم الصدمات العنيفة.
كما تتميز بنظام ملاحة دقيق يضمن إصابة الهدف ضمن أمتار قليلة، وصمام اختراق ذكي قادر على تحديد توقيت الانفجار بناءً على الفراغات تحت الأرض، ما يزيد من فعاليتها بشكل كبير.
أعماق لا تطال
وتجدر الإشارة إلى أن منشأة "نطنز" القديمة مدفونة على عمق 8 أمتار تقريباً، وتحيط بها طبقات من الخرسانة المسلحة، بينما "فوردو" تقع على عمق يتراوح بين 80 إلى 100 متر، وتغطى بطبقات صخرية وخرسانية، ما يجعل الوصول إليها عملية شديدة الصعوبة.
كما يؤكد "الخبراء"، أن الوصول إلى هذا العمق يتطلب توجيه ضربات متعددة باستخدام أقوى القنابل الخارقة، ومع ذلك، لا يمكن ضمان تدمير المنشأة نظراً لعدم معرفة تصميمها بدقة أو نوعية المواد المستخدمة فيها.
أما منشأة "نطنز" الجديدة التي ما تزال قيد الإنشاء، فهي الأخرى تقع داخل جبل بعمق يفوق 100 متر، ما يجعلها أكثر تعقيداً من "فوردو"، وربما غير قابلة للتدمير حتى بأقوى الأسلحة التقليدية، فهل حقا ورطت نفسها إسرائيل بلا جدوى في هجومها على إيران؟