باحث إسرائيلي يدق ناقوس الخطر من استمرار الحرب مع إيران.. ما علاقة غزة؟

الحرب الإسرائيلية الإيرانية
الحرب الإسرائيلية الإيرانية

في تطور لافت يعكس انقسامًا داخليًا في الرؤى الإسرائيلية بشأن إدارة المواجهة مع إيران، دعا عوفر شيلح الباحث في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب وعضو الكنيست السابق، إلى وقف التصعيد العسكري والتحول نحو جهد دبلوماسي تقوده واشنطن من أجل التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع طهران.

وفي مقال نشر عبر موقع القناة 12 الإسرائيلية، أشار شيلح إلى أن أكثر الصيغ وضوحًا لتحديد هدف الحرب ضد إيران جاءت على لسان رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي، وهو أحد المقربين من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ما يرجح أنه يتحدث بتنسيق مباشر معه.

تقدير واقعي للقدرات

وأوضح هنغبي في تصريحه أن إسرائيل غير قادرة على القضاء نهائيًا على المشروع النووي الإيراني بالقوة العسكرية، معتبرًا أن أقصى ما يمكن تحقيقه هو إضعاف إيران وإجبارها على العودة إلى طاولة المفاوضات وقبول قيود صارمة تؤخر امتلاكها للسلاح النووي لسنوات طويلة.

وأضاف هنغبي أن إسرائيل لا تنوي حاليًا قطع رأس النظام الإيراني، مشيرًا إلى أن عمليات اغتيال بعض قادة الحرس الثوري وقادة عسكريين آخرين ساهمت في خفض مستوى الرد الإيراني على المدى القصير، لكنها غير كافية لإسقاط النظام. 

وأكد أن هذا النظام، يحظى بقدر من الشرعية الشعبية داخل مجتمع تعداده نحو 90 مليون نسمة، مشددًا على أن إسقاطه ممكن فقط من الداخل عبر الشعب الإيراني نفسه.

صدام مع الواقع

من جهته، يرى شيلح أن الرهان على الدعم الأميركي في هذه المواجهة مبالغ فيه وخارج عن الواقع، وأوضح أن التنسيق مع واشنطن يبدو محدودًا وأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب وافق على العملية الإسرائيلية باعتبارها تحركًا مستقلاً وليس جزءًا من خطة أميركية متكاملة.

وأشار شيلح إلى أن ترامب، الذي يتعرض لانتقادات من جناح سياسي انعزالي داخل بلاده، لا يرى نفسه ملزمًا بقيادة صراع طويل مع إيران.

وبرأيه، فإن الولايات المتحدة ترى الوضع بمنظور "ربح – ربح"، بمعنى أنه إذا تم التوصل لاتفاق مع إيران كنتيجة للضغط فذلك مكسب، وإذا فشلت المساعي فإن إسرائيل وحدها تتحمل العواقب تمامًا كما حدث في غزة.

فجوة بين النخبة والجمهور

وسلط شيلح الضوء على فجوة عميقة بين القيادة الإسرائيلية والجمهور، مشيرًا إلى أن الإنجازات العسكرية التي يتغنى بها القادة سرعان ما تتلاشى أمام قسوة الواقع اليومي.

 وذكر أن السيناريوهات التي طرحت أمام الكابينيت، والتي توقعت آلاف القتلى في حال التصعيد، لم تجد صدى مفهومًا لدى المواطنين الذين لا يعرفون حتى اللحظة متى ولماذا عليهم التوجه إلى الملاجئ.

كما أشار إلى أن الأنظمة الدفاعية المتطورة فشلت في صد جميع الصواريخ الإيرانية الثقيلة ما جعل ثمن الدم يدفع ليلة بعد أخرى دون ضمانات حقيقية للنجاة، مؤكدًا أن هذا الوضع لا يطمئن الجمهور ولا يعزز من الثقة بقيادة الحرب.

الوسيلة تحولت إلى غاية

ويرى شيلح أن إسرائيل دخلت مسارًا عسكريًا خطط له على مدى سنوات دون وضوح حقيقي بشأن الهدف النهائي، وهو ما يعيد إلى الأذهان سيناريو حرب لبنان الثانية وفشل رهانات كسر حماس في غزة.

ويحذر من أن إيران ليست غزة، ومشروعها النووي ليس مجرد منظومة صواريخ قابلة للتفكيك، مشيرًا إلى أن العملية العسكرية بدلًا من أن تنهي البرنامج النووي، قد تصبح ذريعة لإعادة إطلاقه بقوة أكبر، كما سبق أن حذر رئيس الموساد الراحل مئير داغان في إفادته عام 2010.

التحول السياسي ضرورة

وبحسب شيلح، فإن على إسرائيل أن تتجه فورًا نحو حل سياسي إن لم تكن الولايات المتحدة مستعدة للمشاركة العسكرية، مشيرًا إلى أن الإنجاز المحدود الذي تحقق ضد البرنامج النووي الإيراني لا يمكن البناء عليه عسكريًا.

ويختم شيلح مقاله بدعوة صريحة إلى دعم استئناف المفاوضات النووية مع إيران، والعمل على تشكيل هندسة أمنية وسياسية جديدة في المنطقة، مشددًا على ضرورة إنهاء الحرب في غزة، واستعادة الأسرى، والتوقف عن المقامرة العسكرية التي تفتقر إلى استراتيجية خروج واضحة، وتكلف البلاد ثمنًا يفوق كل نجاح أولي تحقق على الأرض.

وكالات