وجهت السلطة الوطنية المستقلة لضبط السمعي-البصري في الجزائر، تحذير لـ وسائل الإعلام من الوقوع في فخ الخطاب الإعلامي المضلل الذي يندرج ضمن ما وصفته بـ"حملات التشويش والأوهام الدعائية".
هل تستهدف الجزائر بعد إيران؟
وجاء ذلك بعد تداول بعض المواقع والمحللين فرضيات تتحدث عن أن الجزائر ستكون الهدف التالي لإسرائيل بعد إيران، استناداً إلى تغريدات لعدد من الناشطين الصهاينة المعروفين بنبرتهم الدعائية.
وشددت "الهيئة"، في بيان رسمي لها، التي تعنى بضبط المحتوى الإعلامي في الجزائر، على أنها رصدت تصاعدًا في الخطاب المضلل والمحمّل بأبعاد تهويلية مشبوهة، لا سيما على بعض المواقع الإلكترونية، والتي تسعى -وفق البيان- إلى إقحام الجزائر في سيناريوهات إعلامية مغرضة.
كما حذرت "الهيئة"، وسائل الإعلام الوطنية، من الانسياق وراء هذه الحملات التي تفتقر إلى المهنية والموضوعية.
وفي السياق ذاته، أشارت "الهيئة"، إلى أن بعض الجهات تروج لمعطيات زائفة وتحليلات غير مؤسسة، تتناول السياقات الإقليمية والدولية بطريقة مضللة، من خلال خطاب يدخل ضمن أدوات حروب الجيل الرابع والخامس، ويعتمد على أوهام وتكهنات لا تستند إلى أي مصدر موثوق.
خرق قانوني وتحذير من العقوبات
وأدانت "الهيئة الجزائرية"، بشدة هذا النوع من التهويل المفتعل، معتبرة أنه يهدد السكينة العامة ويعمل على إرباك الرأي العام الوطني، من خلال ترويج خطابات تخدم أجندات أجنبية معروفة باستخدام الإشاعة وسيلة لإضعاف المعنويات وزرع الشك في مؤسسات الدولة.
كما أردفت "الهيئة"، أن هذا المحتوى يعد خرقًا صارخًا للمرسوم التنفيذي رقم 24-250، خصوصًا المادة الخامسة منه، والتي تلزم الجهات الإعلامية باحترام السيادة الوطنية، الوحدة الوطنية، وحدة التراب، الأمن والدفاع، والنظام العام، علاوة على المصالح الاقتصادية والسياسة الخارجية للدولة.
وفي سياق متصل، أكدت "الهيئة"، أن مخالفة دفاتر الشروط العامة والخاصة تعرّض المؤسسات السمعية-البصرية إلى المتابعة الإدارية، بحسب المادة 34 من القانون 23-20 المنظم للنشاط الإعلامي، مشيرة إلى أنها لن تتردد في اتخاذ إجراءات قانونية وتنظيمية ضد كل من يثبت تعمّده بثّ التهويل الإعلامي.
دعوة للالتزام المهني
وفي هذا الصدد، دعت "السلطة الوطنية"، كافة مؤسسات الإعلام السمعي-البصري إلى ضرورة التحلي باليقظة المهنية، والابتعاد عن الانسياق وراء الخطابات الموجهة، فضلًا عن التركيز على استضافة محللين سياسيين مشهود لهم بالموضوعية والكفاءة، والامتناع عن تقديم من يفتقرون إلى الخبرة أو ينساقون إلى تحليلات انفعالية تفتقر إلى الدقة.
كما شددت "السلطة"، على أن الجزائر قوية بمؤسساتها وشعبها، ولن ترهبها الدعايات المغرضة ولا حملات التشويش، مؤكدة أن الإعلام الوطني سيظل شريكًا أساسيًا في الدفاع عن الثوابت وخدمة الصالح العام.
منشورات مشبوهة وترويج خارجي
ويأتي ذلك بالتزامن مع تدخل سلطة الضبط مع موجة من التفاعل على مواقع التواصل ووسائل الإعلام، إثر تغريدات نشرها عدد من الناشطين الصهاينة، على رأسهم مئير مصري، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية في القدس، والذي كتب عقب العدوان الإسرائيلي على إيران: "اليوم إيران وغدًا الجزائر"، في محاولة لعقد مقارنات تتهم الجزائر برعاية الإرهاب، على غرار ما يروَّج بشأن إيران.
وانضم إلى هذا الطرح الإعلامي إيدي كوهين الذي زعم تعرض عسكريين جزائريين في إيران لقصف إسرائيلي، في دعاية وصفها متابعون بأنها بدائية وتعتمد على إعادة إنتاج خطابات استخدمها الكيان الصهيوني سابقًا في سوريا.
والجدير بالإشارة أن هذه المنشورات لقيت رواجًا واسعًا على مواقع مغربية معروفة، الأمر الذي أثار استياءً في الصحافة الجزائرية.
وأفادت صحيفة "الشروق"، بأن بعض وسائل الإعلام المغربية تتسابق لنقل هذه المنشورات واعتمادها كمصادر في مقالات تستهدف الجزائر، بسبب مواقفها الثابتة من العدوان على الشعب الفلسطيني وعلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
موقف رسمي جزائري
ومن جهته، وجه وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال الاجتماع الحادي والخمسين لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول، تحذير من خطورة العدوان الإسرائيلي الأخير على إيران، واصفًا إياه بأنه "حرب مفتوحة على كافة الاحتمالات" وقد تجرّ المنطقة إلى كوارث غير محسوبة العواقب.
كما أعرب "عطاف"، عن تضامن الجزائر مع الشعوب التي تتعرض لاعتداءات ممنهجة، مناشدًا بإعادة النظر في مسألة الأمن بالشرق الأوسط على أسس عادلة، ورافضًا استمرار الحصانة التي يتمتع بها الاحتلال الإسرائيلي والتي تحميه من المساءلة والعقاب الدولي.