بقلم: ميسون كحيل
بعد وقف الحرب بين إيران وإسرائيل، توجهت الأنظار مجددًا إلى غزة، رغم أن عمليات القتل الممنهجة التي استهدفت أهل غزة لم تتوقف خلال الحرب، بل استمرت بقوة، حتى باتت مراكز الدعم الغذائي أشبه بالمقصلة!
لا أُعير اهتمامًا لما يُقال في الإعلام عن وجود مطالبات بخروج حماس من القطاع، أو الرغبة في القضاء عليها بشكل كامل (في الوقت الحالي). أرى أن ترامب يسعى لإيقاف الحرب في قطاع غزة، وليس من أجل أهل القطاع، بل لأهداف أخرى يسعى لتحقيقها، على رأسها جائزة نوبل للسلام! فهو يرى في نفسه المخلّص، وطموحه الآن تنفيذ خطته لإنهاء الحرب واستكمال أهدافه، والتي تتضمن وعودًا إسرائيلية بالعفو عن نتنياهو وعدم محاكمته.
فيما يخص الحرب على غزة، فإن أولوية ترامب هي الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين، أحياءً وأمواتًا، مقابل منح حركة حماس هامش نجاة لما تبقى منها. فهو يعلم جيدًا أن الإسرائيليين، الذين أنهوا حزب الله عسكريًا وسياسيًا خلال يومين، وتمكنوا بمساعدة أطراف أخرى من تغيير النظام في سوريا، واحتلال أراضٍ سورية إضافية، ووضع حدود جديدة للصراع مع إيران، والسيطرة الكاملة على أجواء طهران، لا يرغبون في إنهاء حماس بنفس الطريقة التي حققوا بها أهدافهم في لبنان وسوريا وطهران.
ترامب يدرك أن نتنياهو يرغب في الاحتفاظ بورقة حماس، إذ لديه أهداف أخرى يسعى لتحقيقها. وهنا أراد ترامب اختصار الوقت على نتنياهو وتحقيق رغباته، بالضغط في الداخل الإسرائيلي للحصول على عفو ومنع محاكمته، مع التلميح بأن التعامل مع حماس سيتم تأجيله إلى وقت لاحق بعد إتمام صفقة الرهائن. ومن خلال مستشاريه وممثليه، أبلغ الوسطاء بضرورة إيصال الرسالة إلى حماس للموافقة على الخطة، التي تتضمن أيضًا إدخال المساعدات إلى القطاع، أثناء الاتفاق على وقف إطلاق النار، بالتزامن مع الإفراج عن الرهائن، وإجراء تفاهمات مع حماس حول جميع النقاط التي تضمن بقاءها.
نقطة الفصل لدى نتنياهو أنه في حال صدور العفو عنه وعدم وجود عوائق لاستمراره، فسيتعامل مع خطة ترامب. أما إن لم يحصل على عفو أو كان استمراره مهددًا، فسيلغي خطة ترامب ويتخلى عن ورقة حماس ويسعى إلى إنهائها في غزة. وإذا ضُمنت له مطالبه، فسيعمل مع ترامب ويقطف معه ثمار مجمل الحروب في المنطقة، وعدد من الاتفاقات، بدءًا من وقف الحرب في غزة، وصولًا إلى التطبيع الكامل بين عدد من الدول العربية والإسلامية وإسرائيل، مرورًا بالوضع الجديد لقطاع غزة، الذي سيكون خاليًا من السلاح، باستثناء ما يُبقي حماس في السلطة، لما في ذلك من مصلحة إسرائيلية لإبقاء مشروع حماس الانقسامي قائمًا، مما يمنح إسرائيل مساحة لإعادة النظر في مستقبل الضفة الغربية، وتحديد نسبة الاستقطاع من أراضيها.
أيام معدودة وستعلن إسرائيل بعدها موافقتها على اتفاق تضمن فيه الإفراج عن جميع الرهائن الإسرائيليين ووقف إطلاق النار، مع محاولة تمرير بند يتضمن تسليم الأسلحة الثقيلة إلى طرف ثالث. وليس هناك اعتراض حقيقي لدى إسرائيل على بقاء حماس واستمرارها في غزة، إنما هو كلام في كلام، لكنها ليست النهاية.
كلام الصوت: إسرائيل غير معنية بإعمار غزة ولن تتحمل مسؤولية ذلك، وستتبرأ من القطاع، ولكن لن يمر شيء دون موافقتها.
كلام في سرك: وكأن لسان حال نتنياهو يقول: شكرًا حماس على المساعدة. ولنا عودة!
رسالة: جميع الأطراف تعمل من أجل نفسها، والضحية هو الشعب الفلسطيني... احتفظ بالأسماء