هل تنجح الضغوط الدولية في وقف إطلاق النار بغزة؟

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

 

أعلنت القاهرة، رسميًا في تصريح لافت، عن صفقة جزئية محتملة تمتد لستين يومًا في قطاع غزة، تتزامن مع تصريحات غير مسبوقة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي أقر بأن "إطلاق سراح الرهائن" أولوية في هذه المرحلة.

وقف إطلاق النار في غزة

هذه التصريحات التي بدت مختلفة عن نهج نتنياهو السابق، جاءت بعد سلسلة مواقف من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أكد خلالها دعمه لاتفاق قريب، ما يدل بحسب مراقبين على أن ضغوط واشنطن والوسطاء بدأت تؤتي أكلها، وأن اتفاقًا مؤقتًا بات مرجحًا، كما تشير القاهرة، على أن يتضمن وقفًا لإطلاق النار بضمانات، مع تأجيل النقاط الخلافية إلى ما بعد دخول الهدنة حيز التنفيذ.

قطر: لا مفاوضات بل "اتصالات"

ومن جهته، أوضح المتحدث باسم الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، في مؤتمر صحافي بالدوحة، أن "لا مفاوضات حالياً لوقف إطلاق النار في غزة"، بل "اتصالات تهدف إلى إعادة المفاوضات"، مؤكدًا وجود لغة إيجابية من واشنطن تجاه اتفاق محتمل، لكنه أقر بوجود "تعقيدات" لم يفصح عنها.

مصر تضغط وتنسق

كما شدد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في اتصال هاتفي جمعه بالمبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، على ضرورة استئناف وقف إطلاق النار، والإفراج عن الرهائن والأسرى، تمهيدًا لوقف دائم للحرب وتحقيق رؤية الرئيس ترامب بإرساء السلام الشامل في المنطقة.

وأكد "عبد العاطي"، على ضرورة الإسراع في دخول المساعدات إلى القطاع، في ظل تفاقم الكارثة الإنسانية.

والجدير بالإشارة أن عبد العاطي قد صرح في وقت سابق بأن مصر تعمل على بلورة اتفاق مؤقت يشمل هدنة تمتد لشهرين، يتضمن الإفراج عن عدد من الرهائن مقابل إدخال مساعدات إنسانية وطبية إلى غزة، على أمل أن تخلق هذه الخطوة زخمًا يؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار.

تحركات تركية وأميركية موازية

وبالتزامن مع استقبل رئيس جهاز الاستخبارات التركي إبراهيم قالن رئيس المجلس القيادي لحركة "حماس"، محمد إسماعيل درويش، لبحث سبل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وفق ما نقلته وكالة الأناضول.

فيما كرر ترامب، عبر منصته "تروث سوشيال" دعوته للتوصل إلى هدنة، قائلاً: "توصلوا إلى اتفاق في غزة. أعيدوا الرهائن".

اتفاق مرتقب.. ولكن

وفي هذا السياق، أشار سعيد عكاشة، خبير الشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إلى أن الحراك الدبلوماسي قد يُفضي إلى اتفاق، مؤكدًا أن تأجيل النقاط الخلافية إلى ما بعد انطلاق الهدنة لمدة 60 يومًا قد يكون مقبولًا للطرفين؛ لـ"حماس" لتفادي الانهيار الإنساني، ولنتنياهو لتخفيف الضغوط الداخلية.

ومن جانبه، يرى المحلل السياسي الفلسطيني سهيل دياب أن الضغوط الأميركية، حال تصاعدها، قد تفرض على نتنياهو التوصل إلى اتفاق، خاصة بعد استنزافه أوراق التصعيد مع إيران ولبنان.

إسرائيل تتحرك داخلياً

كما أعلنت إذاعة الجيش الإسرائيلي، أن المجلس الوزاري المصغر سيجتمع لمناقشة ملف الهدنة، بينما يتوجه وزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، إلى البيت الأبيض لمباحثات حول إيران وغزة.

وقال نتنياهو، في زيارة له إلى منشأة أمنية تابعة للشاباك: "أهم شيء الآن هو إنقاذ الرهائن"، وهو تصريح عده "منتدى الرهائن" الإسرائيلي تحولًا مهمًا و"سابقة"، لا سيما مع ما نقلته القناة "12" عن تفضيل الجيش الإسرائيلي صفقة تبادل رهائن على استكمال العمليات العسكرية.

انفتاح رسمي إسرائيلي

كما أعلن وزير الخارجية جدعون ساعر أن "إسرائيل جادة في رغبتها بالتوصل إلى اتفاق لتبادل الرهائن والسجناء، ووقف إطلاق النار في غزة"، وسط تقديرات تشير إلى وجود نحو 50 رهينة في غزة، بينهم 20 أحياء.

وفي المقابل، أكدت حماس، عبر مصدر في تصريح لـ"رويترز"، أن التقدم رهن بتغيير موقف إسرائيل، والموافقة على إنهاء الحرب والانسحاب من غزة، وهو ما ترفضه تل أبيب التي تشترط نزع سلاح "حماس"، وهو ما ترفضه الأخيرة.

حسابات نتنياهو 

وفي سياق متصل، أوضح سعيد عكاشة، أن تغير لهجة نتنياهو يعكس محاولاته لتخفيف الضغوط المحلية، فيظهر بمظهر المرن بينما تلقي "حماس" باللوم على تعنته، مرجحًا أن يقبل فقط باتفاق جزئي لا يتضمن التزامًا حقيقيًا بإنهاء الحرب.

فيما يرى "دياب"، أن نتنياهو يعود للرهائن بدافع شخصي، ويحاول كسب الشارع بعد مغامراته مع إيران ولبنان، لافتًا إلى أن يلجأ لمزيد من التصعيد أو اغتيالات في لبنان واليمن قبيل توقيع أي صفقة، لضمان مكاسب سياسية تمنع معارضيه من مهاجمته.

في الختام، يتفق المراقبون على أن الضغوط الداخلية والنصائح العسكرية قد تدفع نتنياهو إلى اتفاق مؤقت، بانتظار اختبار النوايا على طاولة المفاوضات.

الشرق الأوسط