رأى المحلل السياسي والعسكري الإسرائيلي، أفي يسخاروف، في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، أن حركة حماس ما زالت تحافظ على تماسكها التنظيمي والعسكري داخل قطاع غزة، على الرغم من مرور أكثر من 18 شهرًا على بدء العمليات الحربية.
وأكد أن الغارات والاجتياحات العسكرية المتكررة، رغم شدتها، لم تنجح في تحقيق الهدف الاستراتيجي المنشود وهو إنهاء حكم حماس أو كسر قدرتها على إعادة تنظيم صفوفها.
الجهد الإسرائيلي بلغ ذروته
وفي تحليله، أشار يسخاروف إلى أن الآلة العسكرية الإسرائيلية وصلت إلى أقصى طاقتها في غزة، معتبرًا أن الاستمرار في العمليات العسكرية دون تصور سياسي واضح لن يحقق نهاية فعلية لهذه الحرب المستنزفة.
وأضاف أن حماس تستمر في إعادة بناء بنيتها التحتية وتجنيد العناصر الجديدة، حتى في المناطق التي انسحبت منها القوات الإسرائيلية بعد تنفيذ عمليات موسعة.
وتابع: "ما كانت إسرائيل تأمل به من تحولات جذرية في الواقع الميداني بعد ما عرف بحادثة عربات جدعون لم يتحقق، فالحركة لم تنهار، ولا يوجد حراك شعبي فعال ضدها داخل غزة".
جدوى العمليات المتكررة
وسلط الكاتب الضوء على التكرار الميداني للعمليات الإسرائيلية في مناطق مثل الشجاعية وخان يونس، دون أن يصاحبها أي تغيير استراتيجي حقيقي، مشيرًا إلى أن العودة إلى نفس المناطق دون رؤية متكاملة أشبه بالدوران في حلقة مفرغة.
وتساءل عن المنطق من تكرار الدخول إلى أماكن سبق تنفيذ عمليات فيها، مع استمرار مقتل الجنود الإسرائيليين، محذرًا من غياب جدوى هذا النهج في ظل عدم وجود خطة سياسية موازية للعمل الميداني.
الخطاب المنتصر
انتقد يسخاروف أيضًا ما وصفه بـ"الخطاب المنتصر" الصادر عن بعض قيادات الجيش، خاصة في القيادة الجنوبية، ممن يتحدثون عن تفكيك قدرات حماس أو توزيع ملايين الحصص الغذائية كعلامات على النجاح.
واعتبر أن هذا الخطاب ينطوي على تناقض خطير، حيث بدأت إسرائيل فعليًا تتحمل مسؤولية مدنية تجاه سكان القطاع، وهو أمر كانت ترفضه لسنوات لتجنب الانزلاق في مستنقع الاحتلال المباشر.
حماس ما زالت واقفة
وأكد يسخاروف أن حماس، رغم الضربات القاسية التي تعرضت لها ما زالت قادرة على الصمود، وأنها نجحت في الحفاظ على هدفها الأساسي وهو "البقاء".
وقال: "صحيح أن الحركة فقدت الكثير من إمكاناتها، لكنها ما تزال تملك القدرة على تنظيم نفسها وإبقاء عناصرها في الميدان وهذا هو مكمن قوتها الحقيقية".
وشدد على أن غياب أي بديل سياسي حقيقي من شأنه أن ينهي حكم الحركة، هو السبب الرئيس في استمرار سيطرتها، مؤكدًا أن استنزاف القطاع عسكريًا وحده لن يؤدي إلى نصر نهائي.
الدعوة إلى خيار سياسي
في ختام مقاله، دعا يسخاروف إلى التحرك في مسار سياسي جاد، بالتعاون مع دول عربية معتدلة والولايات المتحدة وحتى السلطة الفلسطينية، بهدف تفكيك حكم حماس سياسيًا بدلاً من استنزاف إسرائيل في حرب لا نهاية لها.
وختم بالتحذير من بقاء العملية العسكرية كهدف بحد ذاته، قائلاً: "العملية العسكرية ليست نهاية، بل وسيلة لتحقيق غاية سياسية، وإذا لم يتم تحديد تلك الغاية بوضوح، فالحرب ستستمر بلا حسم، وبلا أفق سياسي، إلى ما لا نهاية".