وسط تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية على مختلف مناطق قطاع غزة، تتواصل المفاوضات في كل من واشنطن والدوحة في محاولة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل.
وبينما تشهد الجبهات الميدانية تصعيدًا غير مسبوق، تكشف التصريحات المتبادلة من الطرفين حجم الهوة والخلافات حول الشروط الجوهرية للاتفاق المرتقب، وسط مساعي دولية حثيثة تقودها الولايات المتحدة وقطر ومصر لتقريب وجهات النظر.
مفاوضات متعثرة
تجري في العاصمة الأمريكية واشنطن والدوحة القطرية جولات من المفاوضات المكثفة بين أطراف دولية وإقليمية، بهدف بلورة اتفاق شامل لوقف إطلاق النار في غزة، وسط إقرار من الجانبين بوجود تباين حاد في المواقف.
وأعلنت حركة حماس موافقتها المبدئية على الإفراج عن 10 من الرهائن الإسرائيليين ضمن صفقة تبادل، لكنها وصفت المفاوضات الجارية بـ"الصعبة والمعقدة"، مؤكدة أن هناك نقاطًا جوهرية ما زالت عالقة على طاولة التفاوض.
من أبرز هذه النقاط، وفق بيان رسمي للحركة، ضمان تدفق المساعدات الإنسانية بشكل مستدام، والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من أراضي القطاع، إضافة إلى توفير ضمانات دولية موثوقة لوقف دائم لإطلاق النار.
وأكد عضو المكتب السياسي للحركة، الدكتور باسم نعيم، أن العروض المطروحة من الجانب الإسرائيلي لا تلبي الحد الأدنى من مطالب حماس. وقال في منشور له على "فيسبوك": "ما عجز نتنياهو عن تحقيقه خلال 22 شهرًا من الحرب والحصار والتجويع، لن يحصل عليه عبر طاولة المفاوضات."
مواقف إسرائيلية متباينة
في المقابل، أشارت هيئة البث الإسرائيلية "كان" إلى أن المفاوضات شهدت تقدمًا بطيئًا، لكنه ملموس، مرجحة أن يتم الإعلان عن اتفاق جزئي خلال الأيام القليلة المقبلة إذا استمرت الوتيرة الحالية دون عراقيل.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال مقابلة مع قناة "فوكس نيوز": "نقترب من وقف لإطلاق النار يستمر لمدة 60 يومًا، يتضمن إعادة نصف الرهائن الأحياء ونصف الرهائن القتلى إلى إسرائيل".
كما دعم إيال زامير، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هذه التصريحات، معتبرًا أن الظروف الحالية باتت ملائمة للتوصل إلى اتفاق يمكن من خلاله تحرير بعض الرهائن.
من جانبه، ذهب وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إلى أبعد من ذلك، مشيرًا إلى أن التوصل إلى هدنة أولية لمدة 60 يومًا قد يمهد الطريق نحو اتفاق دائم لوقف إطلاق النار، إذا ما تم تجاوز العقبات التقنية والسياسية.
وتظهر هذه التصريحات رغبة تل أبيب في عدم تفجير المسار التفاوضي، خاصةً في ظل الزيارة التي يقوم بها نتنياهو إلى واشنطن، حيث يسعى كل من إسرائيل والإدارة الأمريكية إلى تسجيل اختراق دبلوماسي يعزز مواقف الطرفين داخليًا وخارجيًا.
دور قطري حيوي
من جهتها، أرسلت قطر وفدًا تفاوضيًا إلى واشنطن لتعزيز المساعي المشتركة مع مصر والولايات المتحدة في سبيل التوصل إلى اتفاق شامل، وتزامن ذلك مع تلميحات من حركة حماس إلى محدودية صلاحيات الوفد الإسرائيلي الموجود في الدوحة، وهو ما اعتبرته الحركة أحد العوائق الرئيسية أمام إحراز تقدم ملموس في المفاوضات.
وتجد الدوحة، التي تلعب دورًا تقليديًا في التوسط بين حماس وإسرائيل، نفسها أمام تحديات إضافية تتعلق بمدى التزام الأطراف المتنازعة بالوصول إلى نقاط مشتركة، خاصة في ظل استمرار العمليات العسكرية التي تقوض الثقة في أي اتفاق.
تصعيد ميداني
ميدانيًا، واصل الجيش الإسرائيلي تنفيذ غارات عنيفة على أنحاء متفرقة من قطاع غزة، حيث استهدفت الطائرات الحربية مناطق شمال ووسط وجنوب القطاع، خاصة الأحياء الشرقية من مدينة غزة، وسط عمليات نسف وقصف غير مسبوقة.
في حي التفاح شرقي مدينة غزة، شن الاحتلال سلسلة غارات مكثفة مساء الأربعاء، بعد أن طلب من سكان الحي إخلاء منازلهم قبل أيام، وتزامن هذا التصعيد مع تقدم بري واضح لقوات الاحتلال في حي الشجاعية المجاور، مما ينذر بعملية اجتياح واسعة قد تطال المنطقة بأكملها.