في ظل الجهود الدبلوماسية المكثفة الجارية لإبرام اتفاق هدنة بين إسرائيل وحركة حماس، بدأت ملامح قضايا إعادة إعمار قطاع غزة تظهر كمحور مركزي في المفاوضات، وسط تباينات واضحة بين الأطراف بشأن طبيعة التمويل وضمانات إنهاء الحرب، والتوزيع الجغرافي للقوات الإسرائيلية داخل القطاع بعد التهدئة.
وتشير التقارير إلى أن بعض الملفات لا تزال عالقة رغم مؤشرات على تقارب نسبي، خاصة حول ملفي محور "موراغ" ودور قطر في إعادة الإعمار.
موافقة إسرائيلية مبدئية
كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، صباح اليوم الخميس، أن إسرائيل وافقت مبدئيًا على السماح ببدء توجيه الموارد والأموال من قبل قطر ودول أخرى لإعادة إعمار قطاع غزة، وذلك ضمن هدنة محتملة يجري التفاوض بشأنها حتى قبل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار.
وترى إسرائيل أن بدء الإعمار المبكر قد يساعد في تعزيز فرص الاستقرار، لكنها في المقابل ترفض أن تكون قطر هي الجهة الوحيدة المعنية بتمويل العملية، وتطالب بإشراك أطراف إقليمية أخرى مثل السعودية والإمارات لضمان توزيع الأعباء السياسية والمالية.
وفي هذا الإطار، تصر حركة حماس على تضمين بند إعادة الإعمار ضمن "الضمانات" الجوهرية في الاتفاق، معتبرة أن إدراج هذا الشرط يعني وجود نية حقيقية لإنهاء الحرب، ويرسل رسالة طمأنة إلى سكان غزة مفادها أن مرحلة ما بعد الحرب بدأت بالفعل.
الدوحة في قلب التفاوض
بحسب التقرير العبري، فإن ملف إعادة الإعمار طرح بقوة خلال اللقاءات التي أجراها الوفد القطري في واشنطن، والتي تتزامن مع زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة، في محاولة لدفع عجلة المفاوضات.
لكنّ دولًا مثل السعودية والإمارات لا تزال متحفظة، وترفض تقديم أي التزام مالي أو إنساني تجاه إعادة الإعمار ما لم تحصل على ضمانات إسرائيلية واضحة بوقف الحرب بالكامل، ويشير مراقبون إلى أن هذه المواقف تعكس تباينًا في المصالح الإقليمية من جهة، وتخوّفًا من الدخول في مسار سياسي غير محسوم من جهة أخرى.
خلافات حول محور "موراغ"
من بين النقاط الحساسة التي ما زالت محل خلاف، محور "موراغ"، وهو الممر الواقع جنوب القطاع بالقرب من مدينة رفح، والذي تطالب حماس بانسحاب إسرائيلي كامل منه كشرط لأي اتفاق.
وفي تطور لافت، قدمت إسرائيل يوم الثلاثاء خريطة جديدة تظهر استعدادها للقبول بـ"بقاء جزئي" في هذا المحور، وهو ما اعتبرته بعض المصادر الإسرائيلية بمثابة مرونة في المفاوضات، بينما اعتبرته حماس غير كافي كونه لا ينهي الوجود العسكري الإسرائيلي بشكل تام.
وبينما أعلنت مصادر فلسطينية أن المفاوضات ما زالت عالقة، رجحت تقديرات إعلامية عبرية أن الفجوات بدأت تتقلص مساء الثلاثاء، خاصة بعد أن طرحت إسرائيل مقترحًا جديدًا للوسيط القطري بشأن توزيع وانتشار قواتها داخل القطاع في حال دخول الهدنة حيز التنفيذ.
تهدئة مؤقتة مقابل نزع السلاح؟
في سياق متصل، نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول إسرائيلي رفيع، صباح اليوم، قوله إن وقف إطلاق النار في غزة قد يتحقق خلال أسبوع أو أسبوعين، مشيرًا إلى أن الأمر ليس مسألة يوم واحد، لكنه أصبح في متناول اليد.
وأكد المصدر أن الطرفين وافقا من حيث المبدأ على هدنة تمتد 60 يومًا، تسعى إسرائيل خلالها إلى تثبيت وقف دائم لإطلاق النار يشمل نزع سلاح حماس.
لكن المسؤول الإسرائيلي لم يخفي نبرة التهديد، إذ صرح: "إذا رفضت حماس التفاهمات، فسنواصل العمليات العسكرية دون تردد".
وتكشف تصريحات من هذا النوع عن نهج مزدوج تتبعه إسرائيل، بين تقديم مرونة تكتيكية في المفاوضات من جهة، والإبقاء على خيار التصعيد العسكري قائمًا من جهة أخرى.