كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، في تقرير موسع بعنوان "كيف أطال نتنياهو أمد الحرب في غزة ليبقى في السلطة؟"، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان مستعدًا في أبريل 2024 لإنهاء الحرب المستمرة على قطاع غزة، عبر التوصل إلى هدنة طويلة الأمد مع حركة حماس، لكنه تراجع في اللحظة الأخيرة حفاظًا على تماسك ائتلافه الحاكم وفرص بقائه السياسي.
وبحسب الصحيفة، أبدى نتنياهو استعدادًا لقبول تسوية لوقف إطلاق النار، وأرسل مبعوثًا خاصًا إلى القاهرة لإبلاغ الوسطاء المصريين بالموقف الجديد. كما حاول تمرير الخطة داخل حكومته دون إدراجها رسميًا على جدول أعمال اجتماع أمني عقد في وزارة الجيش، في مسعى لتفادي تنسيق المعارضة من وزراء اليمين المتطرف.
الخطة كانت تقضي بوقف مؤقت لإطلاق النار لمدة ستة أسابيع، تمهيدًا لمفاوضات تهدف إلى هدنة دائمة، على أن يتم خلال تلك الفترة إطلاق سراح أكثر من 30 محتجزًا إسرائيليًا لدى حماس، مع إمكانية الإفراج عن المزيد لاحقًا. كما كان من المقرر أن تتوقف الغارات اليومية على قطاع غزة الذي يضم نحو مليوني نسمة.
لكن الصحيفة أشارت إلى أن إنهاء الحرب في تلك المرحلة كان سيشكل تهديدًا مباشرًا لموقع نتنياهو السياسي، في ظل ائتلاف هش يضم شخصيات من اليمين المتطرف، مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، واللذين يعارضان أي وقف لإطلاق النار ويدعوان إلى إعادة بناء المستوطنات الإسرائيلية في القطاع.
وخلال جلسة الحكومة المذكورة، قال سموتريتش محذرًا: "إذا طُرح اتفاق استسلام كهذا، فلن تكون هناك حكومة بعد الآن"، مهددًا بانسحاب اليمين المتطرف من الائتلاف، ما كان سيؤدي إلى انتخابات مبكرة، توقعت استطلاعات الرأي آنذاك أن يخسرها نتنياهو.
وذكّرت الصحيفة بأن نتنياهو يواجه منذ عام 2020 محاكمة في قضايا فساد تشمل تلقي رشاوى واستغلال النفوذ، ما يجعل مغادرته للسلطة خطرًا شخصيًا، وهو ما دفعه – بحسب التقرير – إلى إنكار وجود أي خطة للهدنة، رغم الإشارات الواضحة على عكس ذلك.
وخلصت نيويورك تايمز إلى أن نتنياهو استغل الحرب لتحسين موقعه السياسي، بدايةً لتجنب السقوط، ثم من أجل فرض "نصر سياسي بشروطه الخاصة"، مؤكدة أن أكثر الاتهامات حساسية الموجهة إليه هي أنه تعمد إطالة أمد الحرب من أجل مصلحته الشخصية.
ومع اقتراب موعد الانتخابات العامة في أكتوبر 2026، ومع استمرار الحرب واقترابه من سن الـ77، يبدو – بحسب التقرير – أن نتنياهو ما زال يمتلك فرصة واقعية للفوز والبقاء في الحكم رغم كل الانتقادات.