كشفت وسائل إعلام عبرية، صباح الإثنين، عن تصاعد التوترات داخل المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، وذلك خلال جلسة عاصفة عقدت مساء الأحد، تمحورت حول مشروع إنشاء ما يُعرف بـ"المدينة الإنسانية" في منطقة رفح جنوب قطاع غزة.
وفي تطور لافت، حذر قادة الجيش الإسرائيلي الحكومة من المضي قدمًا في هذا المخطط، مؤكدين أن الإصرار عليه في هذا التوقيت قد يقوض بشكل خطير جهود تحرير الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس، والتي تجري مفاوضات بشأنها حاليًا في العاصمة القطرية الدوحة.
رفض الجيش
وخلال الاجتماع، قدم ممثلو الجيش تقييمًا مفصلًا حول الخطة، مشيرين إلى أن إقامة "المدينة الإنسانية" قد تستغرق أكثر من عام، وتُقدّر تكلفتها بما يتراوح بين 10 و15 مليار دولار، وهو ما يثير تساؤلات حول جدواها وفائدتها في ظل تعقيدات المرحلة الحالية.
يتناقض هذا التقدير العسكري مع تقديرات سابقة كانت تشير إلى إمكانية إقامة مخيم خيام كبير خلال ستة أشهر فقط، لاستيعاب مئات الآلاف من النازحين الفلسطينيين في رفح.
نتنياهو يرفض التحذيرات
وبحسب ما أوردته القناة 12 الإسرائيلية، فإن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رفض بشكل قاطع توصيات وتحذيرات الجيش ووزارة الدفاع، معتبرًا أن ما طرحوه يهدف فقط إلى عرقلة تنفيذ المشروع.
وأكد المصدر السياسي الذي حضر الجلسة، أن نتنياهو بدا حاسمًا ومصرًا على تنفيذ الخطة، وطالب المؤسسة الأمنية بتقديم بديل عملي خلال 24 ساعة يكون "أبسط، أسرع، وأقل تكلفة" بحيث يمكن تنفيذه فعليًا على أرض الواقع.
خطة المدينة
وتقوم الخطة الإسرائيلية، التي تسمى إعلاميًا بـ"المدينة الإنسانية"، على إنشاء مخيم ضخم في منطقة رفح، يتسع لنحو نصف مليون فلسطيني من سكان القطاع، وسيقام في شكل خيام كبيرة.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن إسرائيل لا تنوي السماح لسكان هذا المخيم بالعودة إلى مناطقهم الأصلية في شمال القطاع، ما يثير مخاوف من نوايا دائمة لفرض واقع جديد على الأرض.
اعتراضات أمنية وإنسانية
حتى قبل الجلسة المتوترة للكابينيت، كانت الخطة تواجه اعتراضات واسعة داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، التي تخشى من أن تؤدي إلى فرض شكل من أشكال الحكم العسكري الدائم في رفح، وتُقوّض شرعية الأهداف المعلنة للعملية العسكرية.
أما منظمات الإغاثة والمؤسسات الإنسانية الدولية، فترى في الخطة شكلًا من أشكال التهجير القسري، وخرقًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، ما يهدد بموجة إدانة دولية جديدة لإسرائيل.
تصعيد بن غفير
من جانبه، طرح وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف، إيتمار بن غفير، موقفًا أكثر تطرفًا، حيث قال إن "المدينة الإنسانية" قد تكون أفضل الحلول المطروحة حاليًا، لكنه عبّر عن رفضه لفكرة نقل المدنيين أو مؤيدي حركة حماس من منطقة إلى أخرى داخل القطاع.
وأضاف: "علينا إخراجهم من غزة بالكامل، لا يهمني ما يقدمه الجيش من تقارير أو إيجازات. لا أصدقها".
نتنياهو يعلق
في موازاة ذلك، نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن رئيس الوزراء نتنياهو ألمح خلال اجتماع الكابينيت إلى رغبته في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وصفقة تبادل مع حماس، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن وقف إطلاق النار لن يعني نهاية الحرب، بل سيكون مؤقتًا، مع إمكانية استئناف العمليات العسكرية لاحقًا.
ويفهم من هذا التصريح أن الخطة الإسرائيلية بشأن المدينة الإنسانية لا تنفصل عن السياق السياسي والعسكري الأوسع، بل تستخدم كورقة ضغط وتكتيك تفاوضي ضمن الإستراتيجية الشاملة تجاه غزة.