كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أصدر تعليمات بإبقاء الوفد المفاوض في العاصمة القطرية الدوحة إلى حين التوصل إلى اتفاق شامل بشأن صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس.
ووفقًا لما نقلته الصحيفة، فقد صرح نتنياهو في محادثات مغلقة بأن الفريق لن يعود إلى تل أبيب ما لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي، مشددًا على أن الوقت قد حان للحسم.
مرونة إسرائيلية غير مسبوقة
أكدت مصادر مطلعة على تفاصيل المفاوضات أن نتنياهو أبدى مرونة كبيرة في ملف خرائط الانسحاب من قطاع غزة، وهو ما شكل نقطة تحول حقيقية في مسار المحادثات الجارية.
وأشارت تلك المصادر إلى أن كافة الأطراف المشاركة في الوساطة التقطت إشارات التغير في موقف نتنياهو، موضحة أن التقدم الملموس تحقق بالفعل في بعض الملفات، فيما لا تزال قضايا أخرى، وعلى رأسها معايير الإفراج عن الأسرى الأمنيين، مثار خلاف مستمر.
محور موراج
وفي خطوة اعتبرت من جانب البعض تنازلًا كبيرًا لصالح مطالب حماس، أكدت المصادر الإسرائيلية صحة التقارير العربية التي تحدثت عن تفاهمات حول خرائط الانسحاب، حيث وافق نتنياهو على إزالة "العنصر المعرقل" المتمثل في محور موراج – وهو المحور الذي كانت إسرائيل تصر على الإبقاء عليه كمنطقة عازلة بين خان يونس ورفح.
هذا التنازل، وفقًا للمصادر، قرب المواقف أكثر من أي وقت مضى، وفتح الباب أمام الانتقال إلى المرحلة التالية من المفاوضات.
الملف الأكثر تعقيدًا
بعد التفاهم حول خطوط الانسحاب، تركز النقاش الآن على المعايير المرتبطة بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، حيث تصر حماس على شمول "أسرى ثقيلين" في الصفقة، وهو ما ترفضه المؤسسة الأمنية الإسرائيلية حتى الآن.
ويجري التفاوض حول تحديد الأسماء والعدد والجدولة الزمنية للإفراج، وسط ضغوط سياسية داخلية تحيط بنتنياهو من اليمين واليسار على حد سواء.
دور أمريكي مراقب
وعلى الرغم من تسارع وتيرة المفاوضات، لم يسافر المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف بعد إلى الدوحة، وقالت مصادر مطلعة إن تردده في المشاركة المباشرة يشير إلى أن المحادثات لا تزال بحاجة إلى أيام إضافية من الجدل والبلورة، قبل الدخول في المرحلة الحاسمة التي تستدعي دورًا أمريكيًا فاعلًا.
في السياق السياسي، يرى بعض المسؤولين أن انسحاب حزب "شاس" من الائتلاف الحكومي، وتحول حكومة نتنياهو إلى حكومة أقلية، قد يمنحه حرية أكبر في تمرير الصفقة دون الحاجة إلى إرضاء جميع أطياف الحكومة السابقة.
ووفقًا لتقدير هؤلاء، فإن نتنياهو، الذي يخوض فعليًا حملة انتخابية مبكرة، يسعى إلى الظهور بصورة القائد الذي ينقذ إسرائيل ويحرر الأسرى، وهو ما يرفع من احتمالية إبرام الاتفاق.
ضمانات من ترامب لحماس
على الجانب الآخر، أشارت مصادر مطلعة إلى أن استعداد حركة حماس لقبول صفقة تبادل جزئية، رغم تمسكها السابق بصفقة شاملة، جاء بعد تلقيها ضمانات مباشرة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تتعلق بـوضع حد للحرب ووقف العدوان الإسرائيلي.
وإن صحت هذه المعلومات، فإنها تشير إلى دور أمريكي خلف الكواليس، قد يكون هو العامل الحاسم في تليين مواقف الطرفين ودفعهما نحو التوقيع على اتفاق جزئي يمهد لاحقًا لتهدئة أشمل.