تكية الطعام في غزة تحتضر… والمواطن يدفع الثمن

بقلم: نيفين اسليم

في غزة الجوع لم يعد حالة طارئة، بل أصبح واقعا يعاش لم تكن "تكيات الطعام" مجرد مبادرات خيرية بل كانت خط الدفاع الأخير في وجه الحرمان المتصاعد  والمصدر الوحيد لوجبة يومية لعشرات الآلاف من العائلات اليوم تغلق هذه التكيات أبوابها واحدة تلو الأخرى، تاركة وراءها بطونا فارغة  وأعينا تدمع بصمت
توقفت الأيادي التي كانت تطهو جفت القدور، وباتت المطابخ الخيرية صامتة "لا طحين، لا أرز، لا زيت، حتى العدس غاب" هكذا يصف القائمين على التكيات الوضع الصعب والانقطاع الكامل للمواد الغذائية أصبح معضلة يومية حيث لم تعد تصلهم أي مساعدات تذكر من المؤسسات الدولية أو الشركاء الإغاثيين
الحصار الخانق وإغلاق المعابر زاد الطين بلة ، فحتى من أراد أن يسعف الناس بمواده الخاصة أو بتبرعات فردية وجد الأبواب مغلقة أما الوقود الذي كان يبقي النار مشتعلة لإعداد الوجبات فقد أصبح رفاهية لا تطاق وسط أزمة خانقة وارتفاع غير مسبوق في الأسعار جعل من تشغيل موقد التكية حلما بعيد المنال
وليس الوقود وحده ما ينقص فالماء – أصل الحياة – غاب عن المطابخ فكيف تطهى وجبات بلا ماء ؟ كيف تغسل الأواني أو تعقم الأدوات أو تسقى الأيدي العاملة التي كانت تسهر لخدمة الآخرين؟
المتطوعون أيضا لم يسلموا من الانهيار، شباب وشابات، كانوا يتسابقون لخدمة الناس أصبحوا اليوم عاجزين أمام الصمت الدولي والتخلي الجماعي بعضهم بات ينفق من ماله الخاص ليقدم القليل وآخرون توقفوا مكرهين
وفي قلب هذه الكارثة ، يدفع المواطن البسيط الثمن
أطفال ينامون على صوت المعدة الخاوية أمهات يبكين خفية لا حزنا على أنفسهن ، بل على صغار لا يفهمون لماذا لم تعد تكية الحي تقدم الطعام شيوخ أنهكهم المرض والجوع باتوا ينتظرون "كسرة" لا تأتي وكرامتهم تهدر في كل لحظة عجز
من الذي سيطعم غزة إن سكت العالم؟
من الذي سيسد رمق الناس إن لم تعد التكيات قادرة على العمل؟
ومن الذي سيتحمل وزر هذا الجوع الذي يزحف كل يوم على أبواب البيوت بلا رحمة؟
غزة اليوم لا تطلب ترفا ولا تسأل رفاهية
غزة تطلب فقط  أن تعود التكيات لتطعم الجائع، وتسند العاجز، وتمنح الحياة لمن أنهكهم الحصار

البوابة 24