كشفت وزارة العدل الأمريكية ومكتب المدعي العام في واشنطن العاصمة عن فتح دعوى قضائية لمصادرة ما يقارب مليوني دولار أمريكي من العملات الرقمية، تم رصدها في حسابات تابعة لمنصات مالية رقمية، يعتقد أن لها علاقة بشركة مقرها قطاع غزة.
ووفقًا لموقع "واللا" العبري، فإن هذه الشركة متهمة بتقديم دعم مالي مباشر لحركة حماس، وكذلك لعناصر متعاونة معها.
وقد أُحيلت القضية إلى تحقيق مشترك تجريه حاليًا مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، بعد تلقي بلاغ من مقر العمليات الاقتصادية الإسرائيلي المختص بمكافحة الإرهاب، وعلى الرغم من خطورة المزاعم، لم يتم حتى الآن الكشف عن أدلة مفصلة، ما يجعل التحقيقات الجارية ذات حساسية بالغة على المستويين الأمني والسياسي.
شبكات سرية
ادعت وزيرة العدل الأمريكية بام بوندي في تصريحاتها للموقع العبري أن الجماعات التي تمارس العنف، وعلى رأسها حركة حماس، تعتمد بشكل متزايد على "شبكات مالية سرية" يصعب تتبعها، لتأمين مصادر تمويلها، وتعد العملات المشفرة أبرز الأدوات الجديدة التي تستخدمها هذه الجماعات لتجاوز العقوبات والرقابة الدولية.
وأكدت الوزيرة أن عملية المصادرة الأخيرة تعد خطوة قوية في تفكيك البنية التحتية المالية التي تعتمد عليها تلك المنظمات، مشددة على أن الولايات المتحدة لن تسمح بتحول منصات تداول العملات الرقمية إلى ملاذات آمنة للإرهاب المالي، في إشارة واضحة إلى التزام واشنطن بمنع استغلال التطور المالي الحديث لأغراض غير شرعية.
موقف FBI
من جهته، قال ستيفن ج. جنسن، مساعد مدير قسم التحقيقات الجنائية بمكتب التحقيقات الفيدرالي في واشنطن، إن عمليات المصادرة التي نفذت تعكس إصرار الجهاز على ملاحقة من يستخدمون العملات الرقمية في دعم "المنظمات العنيفة المصنّفة"، وأكد أن أجهزة إنفاذ القانون ستواصل تعطيل تدفق الأموال مهما كانت وسائل التمويه المعتمدة.
وأضاف جنسن أن المتورطين في دعم حماس والمنظمات المشابهة قد باتوا يلجأون إلى أدوات مالية أكثر تعقيدًا لإخفاء آثارهم، إلا أن الأجهزة الفيدرالية تتابع هذه العمليات عن كثب، وتعمل بتعاون دولي مع أجهزة أمنية في الخارج، خصوصًا في الشرق الأوسط.
بورصة "باي كاش"
أشارت التحقيقات الأمريكية إلى أن منصة "باي كاش" كانت أحد أهم أدوات التمويل المشبوهة، وتدار هذه البورصة من قبل شخص يدعى أحمد القعد، وهو من المتهمين بدعم منظمات عنيفة متعددة، ليس فقط حركة حماس، بل أيضًا تنظيم داعش، وكذلك خلايا مرتبطة بتنظيم القاعدة، وفق ما ورد في وثائق التحقيق.
وتشير البيانات إلى أن منصة "باي كاش" استخدمت في العام 2017 لشراء معدات إلكترونية متطورة لصالح تنظيم داعش، مما أثار شبهات حول نشاطها منذ ذلك الحين، كما تم استخدامها في سبتمبر 2019 لتحويل مبالغ إلى كيان مالي معروف بأنه واجهة لتمويل القاعدة، وهو ما أثار انتباه سلطات إنفاذ القانون التي بدأت وقتها تتبع حركات الأموال المشبوهة عن كثب.
تورط مباشر في دعم حماس
بحسب وثائق الادعاء، فقد استخدمت منصة "باي كاش" بشكل مباشر في دعم حركة حماس، من خلال تسهيل عمليات تحويل أموال من مصادر حقيقية إلى جهات يشتبه في تبعيتها للجناح العسكري للحركة، كتائب عز الدين القسام، وورد اسم أحمد القعد في صلب هذه العمليات، حيث يتهم بتوفير الغطاء المالي اللازم لإتمام تلك التحويلات.
وفي العام 2021، تمكنت السلطات الإسرائيلية المختصة بمكافحة الإرهاب الاقتصادي من تحديد ومصادرة عدد من الحسابات الرقمية المرتبطة بحماس على منصات العملات الرقمية، من بينها حساب نفذت فيه عمليات باستخدام "باي كاش"، وقد انطلقت هذه العمليات من تل أبيب بالتنسيق مع جهات دولية، أبرزها FBI، ما يعكس التنسيق الوثيق بين الجانبين في ملاحقة تمويل الإرهاب.
تفاصيل المخطط المالي
تكشف الوثائق التي جمعتها جهات التحقيق الأمريكية أن أحد الحسابات الرقمية المرتبطة بالشبكة قد استقبل ما لا يقل عن 4 ملايين دولار أمريكي، وهو مبلغ جرى تحويله مباشرة لدعم نشاطات لحركة حماس، وتؤكد الوثائق أن هذه التحويلات تمت قبل وبعد الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، ما يجعل توقيت التمويل ذا أهمية خاصة في التحقيقات الجارية.
وتشير الوثائق إلى أن الأموال تم تمريرها عبر سلسلة من الحسابات والمستخدمين، معتمدين على تقنيات تشفير عالية لإخفاء الوجهات الحقيقية، واستخدام محافظ رقمية وهمية، فيما كان الهدف النهائي توجيه الأموال لدعم أنشطة قتالية، وشراء معدات لوجستية إلكترونية، وتمويل خلايا على الأرض.