مجاعة غزة ما بين عام 2024-2025

بقلم: فاطمة أبو عاصي

أكتب كلماتي هذه وأنا جائعة، وليس هذا شعوري وحدي، فهناك مليونان من الفلسطينيين يعيشون في غزة يُجَوَّعون من قبل الاحتلال الإسرائيلي، الذي يتباهى أمام العالم بالديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة، ولكن ما يحدث في غزة يُظهر عكس ذلك. فليس هناك أي قانون على مر العصور يسمح بهذا الإجرام.

منذ السابع من أكتوبر، وغزة تُباد أمام جميع الشاشات الدولية والعربية بشتى الطرق، حيث القتل الذي لا يرحم بشرًا ولا حجرًا ولا شجرًا. ولم يكتفِ الاحتلال بذلك، بل يمارس سياسة تجويع ممنهجة ضد الأطفال والنساء والشيوخ في غزة.

وليس هذا جديدًا على الاحتلال الإسرائيلي، فقد استخدم سياسة التجويع القسري من قبل. ففي العام الماضي، اتخذ الاحتلال من التجويع سلاحًا ضد أبناء غزة الذين صمدوا في شمال القطاع، عقابًا لهم على بقائهم ورفضهم التوجه نحو الجنوب. وبكل فخر، كنت من بين من صمدن في الشمال، رغم الأحزمة النارية والجوع. لقد تمنيت في ذلك الوقت شربة ماء، ولك أن تتخيل أن تتمنى مجرد ماء صالح للشرب، ولكن للأسف لم يكن متوفرًا، فشربنا مياهًا غير صالحة، أدت إلى إصابة ابن أختي بأمراض معوية. وليس ذلك فحسب، بل اضطررنا لأكل علف الحيوانات إن توفر. كل ذلك كان ثمن بقائنا في شمال غزة.

ثم لجأ الاحتلال إلى فكرة إجرامية جديدة، عند مفترقي النابلسي والكويت، بالسماح بدخول بعض الطحين إلى الشمال، لكنه نصب مصائد للفلسطينيين، حيث قُتل المئات منهم برصاص الدبابات والطائرات المُسيّرة، وهم يحاولون سد رمق جوعهم. وهنا أصبحت لقمة الفلسطيني مغمّسة بالدم فعلًا.

والآن تعيد إسرائيل نفس سيناريو التجويع الممنهج، لكن هذه المرة ليس فقط على أهل الشمال، بل على الجميع، حيث الشمال والجنوب معًا يُجَوَّعان منذ خمسة أشهر. فقد أغلق الاحتلال المعابر، ومنع دخول الشاحنات المحمّلة بالمساعدات إلى قطاع غزة. وهنا بدأ الجميع رحلة البحث عن رغيف خبز يسد به جوعه، إلى أن بلغت المجاعة ذروتها، حيث بات أطفال غزة يموتون يوميًا جوعًا، بسبب سوء التغذية الحاد، وعدم توفر الحليب اللازم، وبسبب احتكار بعض التجار واستغلالهم للوضع الراهن.

يومًا بعد يوم، يفارق الأطفال في غزة الحياة بسبب التجويع، وليس الأطفال فقط، بل حتى الشباب وكبار السن لم يعودوا قادرين على الوقوف، فتجد الناس يسقطون في الشوارع وفي المستشفيات. ولجأت إسرائيل إلى طريقة جديدة لتضليل العالم عن الحقيقة، بادعائها إدخال بعض الشاحنات عبر بوابة "زكيم"، والمساعدات الأمريكية عبر رفح، ولكنها في الواقع نصبت مصائد للقتل والذل لأهل غزة، مدعية أنها تدخل المساعدات، في حين أن الحقيقة أن الاحتلال يحصد يوميًا أرواح الأبرياء من أجل الحصول على رغيف خبز يسد به الفلسطيني جوعه.

البوابة 24