أعلنت ميليشيا "ياسر أبوشباب"، وهي مجموعة مسلحة تنشط في جنوب قطاع غزة، عن قيامها بإجلاء عشرات الفلسطينيين من مناطق وسط القطاع مثل النصيرات ودير البلح إلى مناطق تسيطر عليها شرق مدينة رفح.
ونشرت هذه الميليشيا مقطع فيديو يوثق عملية النقل، حيث ظهر فيه عدد من العائلات الفلسطينية أثناء وصولها إلى رفح، وسط وجود عسكري وحماية إسرائيلية واضحة للقوات المرافقة للعملية.
وتضمّن الفيديو مشاهد لإجراء فحوصات طبية للنازحين في المناطق الجديدة مع رسالة مكتوبة تقول: "بدأ اليوم التالي لحماس"، في إشارة إلى تصور أبوشباب بأنه يقود مرحلة جديدة لما بعد حكم حركة حماس في القطاع.
دعوات للاعتراف بإدارة فلسطينية بديلة
وفي تطور لافت، جدد ياسر أبوشباب دعوته للولايات المتحدة ودول العالم للاعتراف بما وصفه بـ"إدارة فلسطينية مستقلة" تحت قيادته شرق مدينة رفح.
ودعا في تصريحات ومقالات إلى فتح ممرات إنسانية آمنة من مختلف مناطق قطاع غزة إلى مناطقه، مؤكدًا أنه يتحدث نيابة عن الأغلبية الساحقة من الفلسطينيين في غزة – على حد تعبيره.
وفي مقال نشره عبر صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، قال أبوشباب إن القوات الشعبية، وهي الاسم الذي تطلقه مجموعته على نفسها، تهدف إلى إنشاء إدارة محلية فلسطينية جديدة تكون خالية من العنف والإرهاب، وتعمل وفق نهج براغماتي بعيد عن الأيديولوجيا السياسية التي يتهم بها حماس.
وشدد في مقاله على أن مشروعه يشكل نقطة بداية لبناء غزة جديدة، معتبرًا أن الخطوة الأولى لتحقيق هذا الهدف هي الدعم الدولي والعربي الرسمي لمشروعه سواء سياسيًا أو إنسانيًا.
منطقة نفوذ جديد
وفي تصريحات أخرى، كشف أبوشباب أن ما يعرف بـ"القوات الشعبية" تمكنت من فرض سيطرتها على عدة كيلومترات مربعة شرق مدينة رفح، مشيرًا إلى أن المنطقة تشهد هدوءًا نسبيًا مقارنة ببقية أنحاء قطاع غزة.
وأضاف: "بينما لا تزال معظم مناطق غزة تعيش تحت نيران الحرب الدائرة بين حماس وإسرائيل، فإن الوضع مختلف في رفح الشرقية، هنا، الحياة بدأت تعود إلى طبيعتها، وكأننا خارج مشهد الحرب تمامًا".
وأوضح أن قواته المسلحة نجحت في إبعاد حماس وغيرها من الجماعات المسلحة عن نطاق وجوده، مؤكدًا أن هدف حركته ليس صراعًا سياسيًا بل فصل المدنيين عن دوامة العنف وتوفير بيئة آمنة نسبيًا لأولئك الراغبين في الابتعاد عن الحرب.
الدور الإسرائيلي والدعم الخارجي
رغم الرواية التي يطرحها أبوشباب، فإن نقل السكان تحت إشراف قوات تحظى بحماية إسرائيلية يثير العديد من التساؤلات حول الأهداف الحقيقية من هذه التحركات، ويتساءل مراقبون عما إذا كانت هذه التحركات تعكس توجهًا إسرائيليًا لتفتيت قطاع غزة، أو خلق كيانات محلية موالية ضمن استراتيجية ما بعد حماس.
كما تثار شكوك حول طبيعة "القوات الشعبية" من حيث التكوين والتمويل والدعم اللوجستي، خصوصًا في ظل صمت فلسطيني رسمي إزاء ظهور هذه المجموعة، وغياب موقف واضح من السلطة الفلسطينية أو فصائل المقاومة بشأن ما يجري في رفح.
وبينما يرى البعض في مشروع أبوشباب محاولة لخلق نموذج بديل يتماشى مع التطلعات الدولية لإنهاء الصراع، يحذر آخرون من كونه مجرد أداة ضمن ترتيبات تقودها أطراف خارجية لإعادة تشكيل الواقع الفلسطيني بعيدًا عن أي توافق وطني جامع.