في تصريحات أدلى بها يوم الاثنين، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه يرغب في أن يحصل سكان غزة على الغذاء، مؤكداً: "نريد من إسرائيل أن تطعم الناس هناك"، وأضاف أن الولايات المتحدة تعتبر الدولة الوحيدة التي تفعل ذلك فعليًا وتوفر الأموال من أجل هذا الغرض، في إشارة إلى الجهود الأمريكية المفترضة لإدخال المساعدات إلى القطاع.
وكان ترامب قد وصف الوضع الإنساني في غزة خلال تصريحات سابقة بأنه مفجع ومؤسف وعار وكارثي، ما يعكس تحولًا ملحوظًا في خطابه العلني تجاه المأساة المتفاقمة في القطاع، الذي يعاني من حصار خانق منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023.
مأساة الجوع
رغم التصريحات المتعاطفة، لا تزال المجاعة تنزل سيفها على رقاب الفلسطينيين في غزة، حيث توفي ستة أشخاص خلال 24 ساعة فقط بسبب الجوع مما رفع إجمالي ضحايا المجاعة منذ بدء الحرب إلى 175 شهيدًا، من بينهم 93 طفلاً.
ويعكس هذا العدد الصادم حجم الكارثة الإنسانية المتراكمة في ظل استمرار الحصار وإغلاق المعابر أمام دخول المساعدات الإنسانية، خصوصًا منذ 2 مارس الماضي، عندما شددت إسرائيل قيودها ومنعت مرور الإمدادات الغذائية والطبية.
وأشارت تقارير حقوقية وإنسانية عديدة إلى أن إسرائيل ترتكب، بالتوازي مع عمليات القصف، جريمة ممنهجة تتمثل في استخدام الجوع كسلاح ضد المدنيين، ووصفت هذه التقارير المؤشرات الإنسانية في غزة بأنها "كارثية وغير مسبوقة".
اتصالات ومقترح أمريكي جديد
في موازاة الكارثة الإنسانية، كشفت مصادر مطلعة عن اتصالات مكثفة جرت مؤخرًا بين الرئيس ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تناولت مقترحًا جديدًا لوقف إطلاق النار في غزة، ويتضمن المقترح عدة بنود مثيرة للجدل، أبرزها نزع سلاح حركة حماس، الإفراج عن جميع الأسرى، وتشكيل إدارة دولية مؤقتة لإدارة القطاع، تتزعمها الولايات المتحدة بشكل مباشر.
لكن هذا المقترح لم يحظى بتفاؤل واسع داخل الدوائر الأمنية، حيث أكد مسؤولون أن الهوة بين المواقف لا تزال عميقة، ويصعب تجاوزها في المرحلة الحالية، ما يعكس حجم التعقيدات التي تعرقل أي تسوية قريبة.
مفاوضات شاقة في الدوحة
تعود خلفية هذه التطورات إلى الجولة التفاوضية غير المباشرة التي انطلقت في 6 يوليو الماضي بين حماس وإسرائيل في العاصمة القطرية الدوحة بوساطة مصرية وقطرية ورعاية أمريكية، وتناولت المفاوضات ملفات تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، لكن المفاوضات تعثرت مؤخرًا بعد إعلان واشنطن وتل أبيب سحب فريقيهما من المحادثات "للتشاور".
وأعلنت حركة حماس مرارًا استعدادها لإتمام صفقة تبادل شاملة تشمل إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين دفعة واحدة، مقابل وقف العدوان وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، بالإضافة إلى الإفراج عن آلاف الأسرى الفلسطينيين.
نتنياهو يضع شروطًا تعجيزية
في المقابل، يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب، وضع شروط معقدة وغير قابلة للتحقيق، أبرزها نزع سلاح الفصائل الفلسطينية بالكامل، ويروج نتنياهو في هذه المرحلة لمخطط إعادة احتلال قطاع غزة تحت ذريعة تحقيق الأمن القومي الإسرائيلي.
وتقدر إسرائيل عدد الأسرى لديها في غزة بـ50 شخصًا، بينهم 20 على قيد الحياة، في المقابل، تحتجز إسرائيل أكثر من 10 آلاف و800 أسير فلسطيني، وفقًا لتقارير حقوقية، ويعاني العديد منهم من ظروف احتجاز قاسية تشمل التعذيب، الإهمال الطبي، والتجويع، ما أدى إلى وفاة عدد من المعتقلين في السجون الإسرائيلية.