كشف الخبير البارز في القانون الدولي، وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، الدكتور محمد محمود مهران، عن ملامح اتفاق وشيك من شأنه أن يضع حدًا للحرب المدمرة في غزة، مشيرًا إلى أن بنوده تتضمن وقف الاجتياح الإسرائيلي لمدينة غزة، وانسحاب جيش الاحتلال، مقابل دخول قوات مصرية إلى القطاع في إطار ترتيبات أمنية مؤقتة. واعتبر مهران أن هذا التطور يمثل منعطفًا استراتيجيًا قد يعيد تشكيل الخريطة الجيوسياسية للمنطقة، وينهي واحدة من أطول وأعنف الحروب في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.
الشرعية الدولية أساس لأي ترتيبات أمنية
من منظور القانون الدولي، شدد الدكتور مهران، على أن أي انتشار لقوات مصرية في غزة لا بد أن يستند إلى تفويض دولي واضح من مجلس الأمن والمجتمع الدولي، وبما يتماشى مع مبادئ السيادة الفلسطينية والقانون الدولي الإنساني.
وأوضح أن ذلك يضمن حماية المدنيين الفلسطينيين وصون حقهم في العودة وإعادة بناء حياتهم بكرامة وأمان، بعيدًا عن أي مخاطر للتهجير القسري أو التطهير العرقي، وهي ممارسات تعد جرائم ضد الإنسانية بموجب النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
دور مصري تاريخي ومبادرة أمريكية معلنة قريبًا
وأشار مهران إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سوف يعلن قريبًا عن اتفاق شامل يتضمن انسحاب الجيش الإسرائيلي ودخول جيوش عربية بقيادة مصرية، في إطار تسوية سياسية تنهي المأساة المستمرة.
وأكد أن التحركات المصرية المكثفة تثبت الدور التاريخي للقاهرة في تحقيق الاستقرار الإقليمي ودعم الأشقاء الفلسطينيين للوصول إلى اتفاق نهائي يحقق مصالحهم المشروعة ويضمن الأمن والسلام للمنطقة بأسرها.
المرجعيات القانونية الحاكمة للصراع
لفت أستاذ القانون الدولي إلى أن أي اتفاق سلام يجب أن يستند إلى قرارات مجلس الأمن 242 و338، اللذين يؤكدان على عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة، وضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي المحتلة.
وأوضح أن هذه المرجعيات تمثل الأساس القانوني لأي تسوية عادلة ودائمة، مشيرًا إلى أن نشر قوات مصرية ضمن إطار دولي متفق عليه قد يشكل ضمانة أمنية إضافية، خاصة مع الخبرة المصرية الكبيرة في عمليات حفظ السلام والثقة التي تحظى بها دوليًا وإقليميًا.
خطة إعمار بـ53 مليار دولار
رحب مهران بالخطة المصرية لإعادة إعمار غزة التي تبنتها الجامعة العربية بقيمة 53 مليار دولار، معتبرًا أنها بديل إنساني وقانوني يحظى بقبول دولي، مقارنة بمقترحات أخرى تتعارض مع القانون الدولي.
وأكد أن الخطة تضمن بقاء السكان الفلسطينيين في أراضيهم، وحماية حقوقهم الأساسية، وإعادة بناء البنية التحتية، وتأهيل المؤسسات الخدمية، بما يحقق العدالة الانتقالية ويؤسس لسلام دائم قائم على احترام حقوق الإنسان.
آليات مراقبة دولية لضمان الالتزام بالاتفاق
شدد الخبير القانوني على أهمية إشراك المجتمع الدولي في مراقبة تنفيذ أي اتفاق، من خلال آليات فعالة تضم الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والجامعة العربية، بما يمنع أي انتهاك للاتفاق.
وأشار إلى أن التجارب السابقة تؤكد أن الضمانات الدولية تمثل عنصرًا حاسمًا في نجاح اتفاقات السلام طويلة المدى.
التعامل مع الانتهاكات وتحقيق العدالة الانتقالية
أوضح مهران أن أي اتفاق ينبغي أن يتضمن آليات واضحة لمعالجة الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي التي ارتكبت أثناء الصراع، بما في ذلك جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، مؤكدًا أن العدالة الانتقالية تمثل ركيزة أساسية لبناء الثقة المتبادلة وتحقيق مصالحة دائمة بين الأطراف.
وأكد مهران أن التوصل لاتفاق شامل في غزة ستكون له انعكاسات إيجابية على الاستقرار الإقليمي، وقد يفتح الباب أمام تحركات دبلوماسية أوسع لتفعيل المبادرة العربية للسلام، وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
واعتبر أن المرحلة الراهنة تتطلب حكمة سياسية ومرونة دبلوماسية، مع التمسك بمبادئ القانون الدولي والشرعية الدولية كأساس وحيد لأي تسوية دائمة.