إلزام البلديات بتشكيل شركات كهرباء: تعارض قانون الكهرباء

إلزام البلديات بتشكيل شركات كهرباء: تعارض قانون الكهرباء رقم (13) لسنة 2009 مع قانون البلديات واعتبار الكهرباء خدمة عامة لا يجوز احتكارها

بقلم:المحامي علي أبو حبلة

تُعد الكهرباء من الخدمات العامة الأساسية التي تقع ضمن اختصاص البلديات وفقًا لقانون البلديات الفلسطيني رقم (6) لسنة 1997 وتعديلاته، وتشكل جزءًا من مهامها التنموية والخدمية الأساسية.[^1] هذه الخدمة تُعتبر حقًا مشروعًا للبلديات لإدارتها مباشرة، فهي سلعة خدمية يجب أن تُقدم للمواطنين ضمن إطار يحقق المصلحة العامة ولا يخضع لمنطق الربح أو الاحتكار. غير أن قانون الكهرباء رقم (13) لسنة 2009 فرض التزامات على البلديات بتشكيل شركات كهرباء أو الانضمام إلى شركات قائمة، وهو ما يُعد تجاوزًا لصلاحيات البلديات القانونية ويتعارض مع النظام العام وحق المواطنين في الحصول على خدمات عامة بأسعار عادلة ومستدامة.[^2] أولًا: الأساس القانوني لحق البلديات بإدارة الكهرباء 1. صلاحيات البلديات وفق قانون البلديات الفلسطيني: المادة (14) من قانون البلديات تمنح البلديات الحق في إدارة الخدمات العامة بما يضمن المصلحة العامة وحماية حقوق المواطنين.[^1] البلديات مخولة مباشرة بإدارة مشاريع الكهرباء والماء والصرف الصحي والنظافة والصحة العامة ضمن خططها الاستراتيجية وميزانيتها السنوية. 2. الحق المشروع للبلدية في الكهرباء: إدارة الكهرباء ليست أداة ربحية، بل خدمة عامة تعتبر حقًا مشروعًا للبلدية. تحويل هذه الخدمة إلى شركات ربحية أو احتكارية يُعد انتهاكًا لصلاحيات البلديات ويخالف النصوص القانونية الواضحة.[^3] ثانيًا: التناقض مع قانون الكهرباء رقم (13) لعام 2009 يُلزم القانون البلديات بتشكيل شركات كهرباء أو الانضمام إلى شركات قائمة، ما يحول الخدمات العامة إلى مشاريع ربحية واحتكارية.[^2] هذا الإلزام يتجاوز نطاق اختصاص البلديات ويحد من استقلاليتها المالية والإدارية، ويُحوّل الحق العام إلى سلعة تجارية، وهو ما يتعارض مع النظام العام ومبادئ العدالة الاجتماعية.[^4] النتيجة القانونية: إلزام البلديات بتشكيل شركات كهرباء وفق قانون الكهرباء رقم 13 لسنة 2009 يُعد مخالفًا لقانون البلديات، وينتهك حق البلديات المشروع في إدارة الكهرباء كخدمة عامة.[^3] ثالثًا: المخاطر المالية والإدارية على البلديات والمواطنين 1. الضغط المالي والإداري على البلديات: إنشاء شركات كهرباء يتطلب هيكلًا إداريًا كبيرًا، بما في ذلك مجالس إدارة وموظفين إضافيين ونفقات تشغيلية كبيرة.[^5] تقل القدرة على تمويل مشاريع أخرى هامة مثل الطرق والصحة العامة. 2. التأثير على المواطنين: تتحول الكهرباء من خدمة عامة إلى سلعة تجارية، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الكهرباء والخدمات الأساسية. المواطن يفقد حقه في خدمة عامة مستدامة، وتصبح البلديات غير قادرة على التخطيط الاستراتيجي للخدمات الأساسية. رابعًا: التجارب العملية والدروس المستفادة أظهرت التجارب السابقة للبلديات التي شكلت شركات كهرباء أو انضمت لشركات قائمة:[^5][^6] أزمات مالية وإدارية متكررة انعكست سلبًا على البلديات والمواطنين. الاحتكار أدى إلى رفع الأسعار وحد من قدرة البلديات على تقديم خدمات عامة بكفاءة وشفافية. الخدمات الحيوية مثل الكهرباء أصبحت تحت رحمة التسعير الربحي، بعيدًا عن المصلحة العام خامسًا: التوصيات القانونية والإدارية استنادًا إلى القوانين الفلسطينية ومبادئ النظام العام، فإن الجهات الحكومية مطالبة بما يلي: 1. إلغاء أي نصوص إلزامية بموجب قانون الكهرباء رقم 13 لسنة 2009 التي تفرض على البلديات تشكيل شركات كهرباء أو الانضمام لشركات قائمة. 2. اعتبار الكهرباء من اختصاص البلديات وحقًا مشروعًا لها لإدارتها مباشرة كمشروع خدمة عامة. 3. حماية المواطنين عبر تقديم الكهرباء والخدمات الأساسية بأسعار عادلة ومستدامة، بعيدًا عن الاحتكار والخصخصة. 4. تمكين البلديات من ممارسة مهامها التنموية والاستراتيجية ضمن خطط واضحة وشفافة لتعزيز التنمية المحلية واستدامة الموارد المالية والإدارية الخلاصة إن قانون الكهرباء رقم 13 لسنة 2009 يتعارض بشكل واضح مع قانون البلديات الفلسطيني ويخالف مبادئ النظام العام، كما ينتهك حق البلديات المشروع في إدارة الكهرباء كخدمة عامة. الحل القانوني والإداري الأمثل هو إلغاء النصوص القسرية المتعلقة بالشركات الاحتكارية، وضمان إدارة البلديات للكهرباء مباشرة كخدمة عامة مستدامة، تحمي مصالح المواطنين وتعزز التنمية المحلية الهوامش القانونية والمراجع: [^1]: قانون البلديات الفلسطيني رقم (6) لسنة 1997 وتعديلاته، المادة 14. [^2]: قانون الكهرباء رقم (13) لسنة 2009، المواد 5 و6 و7. [^3]: دراسة قانونية مقارنة حول اختصاص البلديات وإدارة المشاريع الخدمية، مركز تطوير القطاع العام الفلسطيني، 2022. [^4]: مبادئ النظام العام في القانون الفلسطيني، الجهاز المركزي للرقابة المالية والإدارية، 2023. [^5]: تقرير الجهاز المركزي للرقابة المالية والإدارية، "تقييم أداء شركات الكهرباء البلدية"، 2023. [^6]: دراسة مركز تطوير القطاع العام، "أزمات الشركات الكهربائية في البلديات الفلسطينية"، 2022.

البوابة 24