يخوض وزير الأمن القومي ورئيس حزب "عوتسما يهوديت" إيتمار بن غفير واحدة من أكثر معاركه السياسية إثارة للجدل، مع سعيه الحثيث لتمرير قانون الإعدام المخصص للسجناء الفلسطينيين والعرب، في وقت يحرص فيه على استثناء اليهود المدانين من تطبيق العقوبة ذاتها.
وبحسب صحيفة يديعوت أحرونوت، فإن مشروع القانون سوف يطرح اعتبارًا من الأربعاء القادم أمام لجنة الأمن القومي لصياغة مسودته النهائية، وهي خطوة قد تفتح جبهة صراع شرس مع معارضي القانون الذين يحذرون من تداعيات سياسية وقانونية واجتماعية خطيرة.
وبعد المصادقة على مشروع القانون بالقراءة الأولى مؤخرًا، قال بن غفير لشركائه في الائتلاف إن التحرك الحالي ليس سوى بداية العملية التشريعية، مشددًا على ضرورة تمرير القانون عبر 3 قراءات متتالية خلال الدورة البرلمانية الحالية.
حسابات الائتلاف
ورغم التوتر داخل الائتلاف الحاكم، خصوصًا بعد أزمة قانون التجنيد التي أثارت مقاطعة حزب "يهدوت هتوراة"، تكشف مصادر حزبية للصحيفة العبرية أن فصيلي "شاس" و"إسرائيل بيتنا" أبديا استعدادًا لدعم القانون في الجلسات المقبلة.
ويرى حزب "عوتسما يهوديت" أن الظروف السياسية باتت مواتية، وأن لديهم القدرة على حشد الأغلبية البرلمانية اللازمة لتمرير القانون بغض النظر عن استمرار الخلافات مع الأحزاب الدينية.
وينص مشروع القانون الذي تقدمت به النائبة ليمور سون هارملاك على فرض عقوبة الإعدام على أي فلسطيني أو عربي يدان بقتل إسرائيلي بدافع عنصري أو بقصد الإضرار بأمن إسرائيل والشعب اليهودي، ومن التعديلات اللافتة أن الحكم بالإعدام يمكن أن يصدر عبر محكمة عسكرية بأغلبية بسيطة، دون إمكانية تخفيف العقوبة لاحقًا.
من يشمله القانون؟
من المنتظر أن تناقش لجنة الأمن القومي الصياغة النهائية يوم الأربعاء، وسط جدل واسع حول الفئة المستهدفة من القانون، وتصف "يديعوت أحرونوت" هذا البند بأنه أكثر القضايا حساسية، بل "الحلقة الأضعف" التي قد تهدد مستقبل القانون.
فالنقاد السياسيون والقانونيون وشخصيات اجتماعية يشيرون إلى أن صياغة القانون لا تنص صراحة على تطبيقه على المدانين اليهود الذين يرتكبون جرائم قتل بدوافع قومية، ما يفتح الباب أمام اتهامات بأن القانون عنصري وغير متساوي.
حتى ممثلو المعارضة أكدوا أن أي قانون يتعلق بالقتل الأيديولوجي يجب أن يطبَّق على كل المواطنين بغض النظر عن هويتهم.
لكن حزب بن غفير رفض بشدة إدراج اليهود تحت مظلة القانون، مدعيًا – وفق مصادر داخل الحزب – أنه لا توجد ظاهرة قتل يهود للعرب بدافع أيديولوجي وأن ما يحدث مجرد حالات فردية، على خلاف ما يسميه الحزب "العنف المنظم" من جانب الفلسطينيين.
التفاف قانوني
في محاولة لتفادي الطعن أمام المحكمة العليا، يناقش "عوتسما يهوديت" مع خبراء قانونيين صياغة بند ينص على تطبيق القانون على "الفلسطينيين والعرب الذين تعكس أفعالهم ظاهرة واضحة".
ويأمل الحزب أن تساعد هذه الصياغة على حماية القانون من النقاشات المتعلقة بـ"عدم المساواة"، وتقديمه كقانون "ذو طبيعة خاصة" مرتبط بما يصفه اليمين الإسرائيلي بـ"موجة الإرهاب الفلسطيني".
انتقادات حقوقية
في المقابل، تتصاعد موجة اعتراضات قانونية وشعبية واسعة، حيث تعتبر منظمات حقوق الإنسان أن عقوبة الإعدام تتعارض مع المعايير الأخلاقية والقانونية الدولية، وأنها قد تحدث ضررًا بالغًا بمكانة إسرائيل السياسية والحقوقية.
ويشير خبراء قانونيون إلى أن العقوبة لم تثبت فعليًا قدرتها على ردع العمليات، وأن معظم هذه القوانين في العالم أثبتت محدودية تأثيرها، فضلًا عن احتمالات وقوع أخطاء قضائية فادحة.
إصرار بن غفير
رغم كل الانتقادات، يتمسك بن غفير بمشروعه، معتبرًا أن اللحظة مناسبة لفرض ما يسميه "الردع الحقيقي"، وبعد سلسلة تغييرات أجراها على سياسات السجون والتعامل مع المعتقلين، يرى الوزير أن الوقت قد حان للانتقال إلى المرحلة التالية.
من جانبه، يروج حزب "عوتسما يهوديت" القانون باعتباره خطوة تاريخية في مواجهة العمليات الفلسطينية، ويتعهد بالقتال حتى اللحظة الأخيرة لإقراره، ويأمل مؤيدو القانون أن تشهد الجلسة الكاملة للكنيست قريبًا تمريره في القراءة الثانية والثالثة، ليصبح نافذًا قبل انتهاء الدورة البرلمانية الحالية.
